سليمان ؛ أو كريم حسن الخلق ، قاله مقاتل. (أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ عِبادَ اللهِ) يحتمل أن تكون أن تفسيرية ، لأنه تقدم ما يدل على معنى القول ، وهو رسول كريم ، وأن تكون أن مخففة من الثقيلة أو الناصبة للمضارع ، فإنها توصل بالأمر. قال ابن عباس : أن أدوا إليّ الطاعة يا عباد الله : أي اتبعوني على ما أدعوكم إليه من الإيمان. وقال مجاهد ، وقتادة ، وابن زيد : طلب منهم أن يؤدوا إليه بني إسرائيل ، كم قال : فأرسل معنا بني إسرائيل ولا تعذبهم. فعلى قول ابن عباس : عباد الله : منادى ، ومفعول أدوا محذوف ؛ وعلى قول مجاهد ومن ذكر معه : عباد الله : مفعول أدوا. (إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ) : أي غير متهم ، قد ائتمنني الله على وحيه ورسالته.
(وَأَنْ لا تَعْلُوا عَلَى اللهِ) : أي لا تستكبروا على عبادة الله ، قاله يحيى بن سلام. قال ابن جريح : لا تعظموا على الله. قيل : والفرق بينهما أن التعظيم تطاول المقتدر ، والاستكبار ترفع المحتقر ، ذكره الماوردي ، وأن هنا كان السابق في أوجهها الثلاثة. (إِنِّي آتِيكُمْ بِسُلْطانٍ مُبِينٍ) : أي بحجة واضحة في نفسها ، وموضحة صدق دعواي. وقرأ الجمهور : إني ، بكسر الهمزة ، على سبيل الإخبار ؛ وقرأت فرقة : بفتح الهمزة. والمعنى : لا تعلوا على الله من أجل أني آتيكم ، فهذا توبيخ لهم ، كما تقول : أتغضب إن قال لك الحق؟ (وَإِنِّي عُذْتُ) : أي استجرت (بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَنْ تَرْجُمُونِ) : كانوا قد توعدوه بالقتل ، فاستعاذ من ذلك. وقرىء : عدت ، بالإدغام. قال قتادة وغيره : الرجم هنا بالحجارة. وقال ابن عباس ، وأبو صالح : بالشتم ؛ وقول قتادة أظهر ، لأنه قد وقع منهم في حقه ألفاظ لا تناسب ؛ وهذه المعاذة كانت قبل أن يخبره تعالى بقوله : (فَلا يَصِلُونَ إِلَيْكُما) (١).
وإن لم تؤمنوا إلي : أي تصدقوا ، فاعتزلون : أي كونوا بمعزل ، وهذه مشاركة حسنة.
(فَدَعا رَبَّهُ) : أني مغلوب فانتصر ، (أَنَّ هؤُلاءِ) : لفظ تحقير لهم. وقرأ الجمهور : أن هؤلاء ، بفتح الهمزة ، أي بأن هؤلاء. وقرأ ابن أبي إسحاق ، وعيسى ، والحسن في رواية ، وزيد بن علي : بكسرها. (فَأَسْرِ بِعِبادِي) : في الكلام حذف ، أي فانتقم منهم ، فقال له الله : أسر بعبادي ، وهم بنوا إسرائيل ومن آمن به من القبط. وقال الزمخشري : فيه وجهان : إضمار القول بعد الفاء ، فقال : أسر بعبادي ، وأن يكون جوابا بالشرط محذوف ؛ كأنه قيل : قال إن كان الأمر كما تقول ، فأسر بعبادي. انتهى. وكثيرا ما يجيز هذا الرجل
__________________
(١) سورة القصص : ٢٨ / ٣٥.