الخلاف ، وأن ليست زائدة ، بل مصدرية. وقال الأخفش : في قوله : (وَما لَنا أَلَّا نُقاتِلَ) (١) ، إنها زائدة عاملة تقديره عنده : وما لنا لا نقاتل ، فلذلك على مذهبه في تلك هنا تكون أن ، وتقديره : وما لكم لا تنفقون ، وقد رد مذهبه في كتب النحو.
(لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقاتَلَ) ، قيل : نزلت في أبي بكر رضي الله تعالى عنه ، إذ كان أول من أسلم وهاجر وأنفق رضي الله تعالى عنه ، وكذا من تابعه في السبق في ذلك ، ولذلك قال : (أُولئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً). وقيل : نزلت بسبب أن ناسا من الصحابة أنفقوا نفقات جليلة حتى قيل : إن هؤلاء أعظم أجرا من كل من أنفق. وهذه الجملة تضمنت تباين ما بين المنفقين. وقرأ الجمهور : (مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ) ؛ وزيد بن علي ، قيل : بغير من. والفتح : فتح مكة ، وهو المشهور ، وقول قتادة وزيد بن أسلم ومجاهد. وقال أبو سعيد الخدري والشعبي : هو فتح الحديبة ، وقد تقدم في أول سورة الفتح كونه فتحا ، ورفعه أبو سعيد إلى النبي صلىاللهعليهوسلم : إن أفضل ما بين الهجرتين فتح الحديبية. والظاهر أن (مَنْ) فاعل (لا يَسْتَوِي) ، وحذف مقابله ، وهو من أنفق من بعد الفتح وقاتل ، لوضوح المعنى.
(أُولئِكَ) : أي الذين أنفقوا قبل الفتح وقبل انتشار الإسلام وفشوّه واستيلاء المسلمين على أم القرى ، وهم السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار الذين جاء في حقهم قوله صلىاللهعليهوسلم : «لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهبا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه». وأبعد من ذهب إلى الفاعل بلا يستوي ضمير يعود على الإنفاق ، أي لا يستوي ، هو الإنفاق ، أي جنسه ، إذ منه ما هو قبل الفتح وبعده ؛ ومن أنفق مبتدأ ، وأولئك مبتدأ خبره ما بعده ، والجملة في موضع خبر من ، وهذا فيه تفكيك للكلام ، وخروج عن الظاهر لغير موجب. وحذف المعطوف لدلالة المقابل كثيرة ، فأنفق لا سيما المعطوف الذي يقتضيه وضع الفعل ، وهو يستوي. وقرأ الجمهور : (وَكُلًّا) بالنصب ، وهو المفعول الأول لوعد. وقرأ ابن عامر وعبد الوارث من طريق المادر أي : وكل بالرفع والظاهر أنه مبتدأ ، والجملة بعده في موضع الخبر ، وقد أجاز ذلك الفراء وهشام ، وورد في السبعة ، فوجب قبوله ؛ وإن كان غيرهما من النحاة قد خص حذف الضمير الذي حذف من مثل وعد بالضرورة. وقال الشاعر :
وخالد تحمد ساداتنا |
|
بالحق لا تحمد بالباطل |
__________________
(١) سورة البقرة : ٢ / ٢٤٦.