مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطاماً وَفِي الْآخِرَةِ عَذابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللهِ وَرِضْوانٌ وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا مَتاعُ الْغُرُورِ).
عن عبد الله : ملت الصحابة ملة ، فنزلت (أَلَمْ يَأْنِ). وعن ابن عباس : عوتبوا بعد ثلاث عشرة سنة. وقيل : كثر المزاح في بعض شباب الصحابة فنزلت. وقرأ الجمهور : (أَلَمْ) ؛ والحسن وأبو السمال : ألما. والجمهور : (يَأْنِ) مضارع أنى حان ؛ والحسن : يئن مضارع أن حان أيضا ، والمعنى : قرب وقت الشيء. (أَنْ تَخْشَعَ) : تطمئن وتخبت ، وهو من عمل القلب ، ويظهر في الجوارح. وفي الحديث : «أول ما يرفع من الناس الخشوع». (لِذِكْرِ اللهِ) : أي لأجل ذكر الله ، كقوله : (إِذا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ) (١). قيل : أو لتذكير الله إياهم. وقرأ الجمهور : وما نزل مشددا ؛ ونافع وحفص : مخففا ؛ والجحدري وأبو جعفر والأعمش وأبو عمرو في رواية يونس ، وعباس عنه : مبنيا للمفعول مشددا ؛ وعبد الله : أنزل بهمزة النقل مبنيا للفاعل. والجمهور : (وَلا يَكُونُوا) بياء الغيبة ، عطفا على (أَنْ تَخْشَعَ) ؛ وأبو حيوة وابن أبي عبلة وإسماعيل عن أبي جعفر ، وعن شيبة ، ويعقوب وحمزة في رواية عن سليم عنه : ولا تكونوا على سبيل الالتفات ، إما نهيا ، وإما عطفا على (أَنْ تَخْشَعَ). (كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلُ) ، وهم معاصر وموسى عليهالسلام من بني إسرائيل. حذر المؤمنون أن يكونوا مثلهم في قساوة القلوب ، إذ كانوا إذا سمعوا التوراة رقوا وخشعوا ، (فَطالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ) : أي انتظار الفتح ، أو انتظار القيامة. وقيل : أمد الحياة. وقرأ الجمهور : الأمد مخفف الدال ، وهي الغاية من الزمان ؛ وابن كثير : بشدها ، وهو الزمان بعينه الأطول. (فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ) : صلبت بحيث لا تنفعل للخير والطاعة.
(يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها) : يظهر أنه تمثيل لتليين القلوب بعد قسوتها ، ولتأثير ذكر الله فيها. كما يؤثر الغيث في الأرض فتعود بعد إجدابها مخصبة ، كذلك تعود القلوب النافرة مقبلة ، يظهر فيها أثر الطاعات والخشوع. وقرأ الجمهور : (الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقاتِ) ، بشدّ صاديهما ؛ وابن كثير وأبو بكر والمفضل وأبان وأبو عمرو في رواية هارون : بخفهما ؛ وأبيّ : بتاء قبل الصاد فيهما ، فهذه وقراءة الجمهور من الصدقة ، والخف من التصديق ، صدّقوا رسوله الله صلىاللهعليهوسلم فيما بلغ عن الله تعالى. قال الزمخشري : فإن قلت : علام عطف
__________________
(١) سورة الأنفال : ٨ / ٢.