بالحلف إنها ما خرجت إلا حبا لله ورسوله ورغبة في دين الإسلام. وقال ابن عباس أيضا ومجاهد وقتادة وعكرمة : كانت تستحلف أنها ما هاجرت لبغض في زوجها ، ولا لجريرة جرتها ، ولا لسبب من أغراض الدنيا سوى حب الله ورسوله والدار الآخرة. (اللهُ أَعْلَمُ بِإِيمانِهِنَ) : لأنه تعالى هو المطلع على أسرار القلوب ومخبآت العقائد ، (فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَ) : أطلق العلم على الظن الغالب بالحلف وظهور الإمارات بالخروج من الوطن ، والحلول في قوم ليسوا من قومها ، وبين انتفاء رجعهن إلى الكفار أزواجهن ، وذلك هو التحريم بين المسلمة والكافر.
وقرأ طلحة : لا هن يحلان لهم ، وانعقد التحريم بهذه الجملة ، وجاء قوله : (وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَ) على سبيل التأكيد وتشديد الحرمة ، لأنه إذا لم تحل المؤمنة للكافر ، علم أنه لا حل بينهما البتة. وقيل : أفاد قوله : (وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَ) استمرار الحكم بينهم فيما يستقبل ، كما هو في الحال ما داموا على الإشراك وهن على الإيمان. (وَآتُوهُمْ ما أَنْفَقُوا) : أمر أن يعطي الزوج الكافر ما أنفق على زوجته إذا أسلمت ، فلا يجمع عليه خسران الزوجية والمالية. قال ابن عباس : أعطى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، بعد امتحانها زوجها الكافر ، ما أنفق عليها ، فتزوجها عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه ، وكان إذا امتحنهن ، أعطى أزواجهن مهورهن. وقال قتادة : الحكم في رد الصداق إنما كان في نساء أهل العهد ، فأما من لا عهد بينه وبين المسلمين ، فلا يرد عليه الصداق ، والأمر كما قال قتادة ، ثم نفى الحرج في نكاح المؤمنين اياهن إذا آتوهن مهورهن ، ثم أمر تعالى المؤمنين بفراق نسائهن الكوافر عوابد الأوثان.
وقرأ الجمهور : (تُمْسِكُوا) مضارع أمسك ، كأكرم ؛ وأبو عمرو ومجاهد : بخلاف عنه ؛ وابن جبير والحسن والأعرج : مضارع مسك مشدّدا ؛ والحسن أيضا وابن أبي ليلى وابن عامر في رواية عبد الحميد وأبو عمرو في رواية معاذ : تمسكوا بفتح الثلاثة ، مضارع تمسك محذوف الثاني بتمسكوا ؛ والحسن أيضا : تمسكوا بكسر السين ، مضارع مسك ثلاثيا. وقال الكرخي : (الْكَوافِرِ) ، يشمل الرجال والنساء ، فقال له أبو علي الفارسي : النحويون لا يرون هذا إلا في النساء ، جمع كافرة ، وقال : أليس يقال : طائفة كافرة وفرقة كافرة؟ قال أبو علي : فبهت فقلت : هذا تأييد. انتهى. وهذا الكرخي معتزلي فقيه ، وأبو علي معتزلي ، فأعجبه هذا التخريج ، وليس بشيء لأنه لا يقال كافرة في وصف الرجال إلا تابعا لموصوفها ، أو يكون محذوفا مرادا ، أما بغير ذلك فلا يجمع فاعلة على فواعل إلا