أَجَلَها) (١) ، وقوله : (وَما كانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ) (٢) ، أي بإرادته وعلمه وتمكينه. (وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللهِ) : أي يصدق بوجوده ويعلم أن كل حادثة بقضائه وقدره ، (يَهْدِ قَلْبَهُ) على طريق الخير والهداية. وقرأ الجمهور : يهد بالياء ، مضارعا لهدى ، مجزوما على جواب الشرط. وقرأ ابن جبير وطلحة وابن هرمز والأزرق عن حمزة : بالنون ؛ والسلمي والضحاك وأبو جعفر : يهد مبنيا للمفعول ، قلبه : رفع ؛ وعكرمة وعمرو بن دينار ومالك بن دينار : يهدأ بهمزة ساكنة ، قلبه بالرفع : يطمئن قلبه ويسكن بإيمانه ولا يكون فيه اضطراب. وعمرو بن فايد : يهدا بألف بدلا من الهمزة الساكنة ؛ وعكرمة ومالك بن دينار أيضا : يهد بحذف الألف بعد إبدالها من الهمزة الساكنة وإبدال الهمزة ألفا في مثل يهدأ ويقرأ ، ليس بقياس خلافا لمن أجاز ذلك قياسا ، وبنى عليه جواز حذف تلك الألف للجازم ، وخرج عليه قول زهير بن أبي سلمى :
جزى متى يظلم يعاقب بظلمه |
|
سريعا وإن لا يبد بالظلم يظلم |
أصله : يبدأ ، ثم أبدل من الهمزة ألفا ، ثم حذفها للجازم تشبيها بألف يخشى إذا دخل الجازم. ولما قال تعالى : (ما أَصابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ) ، ثم أمر بطاعة الله وطاعة رسوله ، وحذر مما يلحق الرجل من امرأته وولده بسبب ما يصدر من بعضهم من العداوة ، ولا أعدى على الرجل من زوجته وولده إذا كانا عدوين ، وذلك في الدنيا والآخرة. أما في الدنيا فبإذهاب ماله وعرضه ، وأما في الآخرة فبما يسعى في اكتسابه من الحرام لهما ، وبما يكسبانه منه بسبب جاهه. وكم من امرأة قتلت زوجها وجذمت وأفسدت عقله ، وكم من ولد قتل أباه. وفي التواريخ وفيما شاهدناه من ذلك كثير.
وعن عطاء بن أبي رباح : أن عوف بن مالك الأشجعي أراد الغزو مع النبي صلىاللهعليهوسلم ، فاجتمع أهله وولده ، فثبطوه وشكوا إليه فراقه ، فرق ولم يغز ؛ ثم إنه ندم وهمّ بمعاقبتهم ، فنزلت : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) الآية.
وقيل : آمن قوم بالله ، وثبطهم أزواجهم وأولادهم عن الهجرة ، ولم يهاجروا إلا بعد مدة ، فوجدوا غيرهم قد تفقه في الدين ، فندموا وأسفوا وهموا بمعاقبة أزواجهم وأولادهم ،
__________________
(١) سورة الحجر : ١٥ / ٥ ، وسورة المؤمنون : ٢٣ / ٤٣.
(٢) سورة الرعد : ١٣ / ٣٨ ، وسورة غافر : ٤٠ / ٧٨.