فقال : (فَارْجِعِ) ، ففي الفاء معنى التسبب ، والمعنى : أن العيان يطابق الخبر. والفطور ، قال مجاهد : الشقوق ، فطر ناب البعير : شق اللحم وظهر ، قال الشاعر :
بنى لكم بلا عمد سماء |
|
وسوّاها فما فيها فطور |
وقال أبو عبيدة : صدوع ، وأنشد قول عبيد بن مسعود :
شققت القلب ثم رددت فيه |
|
هواك فليط فالتأم الفطور |
وقال السدي : خروق. وقال قتادة : خلل ، ومنه التفطير والانفطار. وقال ابن عباس : وهن وهذه تفاسير متقاربة ، والجملة من قوله : (هَلْ تَرى مِنْ فُطُورٍ) في موضع نصب بفعل معلق محذوف ، أي فانظر هل ترى ، أو ضمن معنى (فَارْجِعِ الْبَصَرَ) معنى فانظر ببصرك هل ترى؟ فيكون معلقا. (ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ) : أي ردده كرتين هي تثنية لا شفع الواحد ، بل يراد بها التكرار ، كأنه قال : كرة بعد كرة ، أي كرات كثيرة ، كقوله : لبيك ، يريد إجابات كثيرة بعضها في إثر بعض ، وأريد بالتثنية التكثير ، كما أريد بما هو أصل لها التكثير ، وهو مفرد عطف على مفرد ، نحو قوله :
لو عدّ قبر وقبر كان أكرمهم |
|
بيتا وأبعدهم عن منزل الزام |
يريد : لو عدّت قبور كثيرة. وقال ابن عطية وغيره : (كَرَّتَيْنِ) معناه مرتين ونصبها على المصدر. وقيل : أمر برجع البصر إلى السماء مرتين ، غلط في الأولى ، فيستدرك بالثانية. وقيل : الأولى ليرى حسنها واستواءها ، والثانية ليبصر كواكبها في سيرها وانتهائها. وقرأ الجمهور : (يَنْقَلِبْ) جزما على جواب الأمر ؛ والخوارزمي عن الكسائي : يرفع الباء ، أي فينقلب على حذف الفاء ، أو على أنه موضع حال مقدرة ، أي إن رجعت البصر وكررت النظر لتطلب فطور شقوق أو خللا أو عيبا ، رجع إليك مبعدا عما طلبته لانتفاء ذلك عنها ، وهو كالّ من كثرة النظر ، وكلاله يدل على أن المراد بالكرتين ليس شفع الواحد ، لأنه لا يكل البصر بالنظر مرتين اثنتين. والحسير : الكال ، قال الشاعر :
لهن الوجى لم كر عونا على النوى |
|
ولا زال منها ظالع وحسير |
يقال : حسر بعيره يحسر حسورا : أي كلّ وانقطع فهو حسير ومحسور ، قال الشاعر يصف ناقة :
فشطرها نظر العينين محسور