قراءة الجمهور. وقرىء : ولو تقول مبنيا للمفعول ، وحذف الفاعل وقام المفعول مقامة ، وهو بعض ، إن كان قرىء مرفوعا ؛ وإن كان قرىء منصوبا بعلينا قام مقام الفاعل ، والمعنى : ولو تقول علينا متقول. ولا يكون الضمير في تقول عائد على الرسول صلىاللهعليهوسلم لاستحالة وقوع ذلك منه ، فنحن نمنع أن يكون ذلك على سبيل الفرض في حقه عليه الصلاة والسلام. والأقاويل جمع الجمع ، وهو أقوال كبيت وأبيات وأبابيت. قال الزمخشري : وسمى الأقوال المنقولة أقاويل تصغيرا لها وتحقيرا ، كقولك : الأعاجيب والأضاحيك ، كأنها جمع أفعولة من القول. والظاهر أن قوله : (بِالْيَمِينِ) المراد به الجارحة. فقال الحسن : المعنى قطعناه عبرة ونكالا ، والباء على هذا زائدة. وقيل : الأخذ على ظاهره. قال الزمخشري : والمعنى : ولو ادعى مدع علينا شيئا لم نقله لقتلناه صبرا ، كما تفعل الملوك بمن يتكذب عليهم معاجلة بالسخط والانتقام ، فصور قتل الصبر بصورته ليكون أهول ، وهو أن يؤخذ بيده وتضرب رقبته ، وخص اليمين على اليسار لأن القتال إذا أراد أن يوقع الضرب في قفاه أخذ بيساره ، وإذا أراد أن يوقعه في جيده وأن يلحفه بالسيف ، وهو أشد على المصبور لنظره إلى السيف ، أخذ بيمينه.
ومعنى (لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ) : لأخذنا بيمينه ، كما أن قوله تعالى (لَقَطَعْنا مِنْهُ الْوَتِينَ) : لقطعنا وتينة. انتهى ، وهو قول للمتقدّمين حسنه الزمخشري بتكثير ألفاظه ومصاغها قالوا : المعنى لأخذنا بيده التي هي اليمين على جهة الإذلال والصغار ، كما يقول السلطان إذا أراد عقوبة رجل : يا غلام خذ بيده وافعل كذا ، قاله أو قريبا منه الطبري. وقيل : اليمين هنا مجاز. فقال ابن عباس : باليمين : بالقوّة ، معناه لنلنا منه عقابه بقوّة منا. وقال مجاهد : بالقدرة. وقال السدّي : عاقبناه بالحق ومن على هذا صلة. وقال نفطويه : لقبضنا بيمينه عن التصرّف. وقيل : لنزعنا منه قوّته. وقيل : لأذللناه وأعجزناه.
(ثُمَّ لَقَطَعْنا مِنْهُ الْوَتِينَ) ، قال ابن عباس : وهو نياط القلب. وقال مجاهد : حبل القلب الذي في الظهر وهو النخاع. والموتون الذي قطع وتينه ، والمعنى : لو تقول علينا لأذهبنا حياته معجلا ، والضمير في عنه الظاهر أنه يعود على الذي تقول ، ويجوز أن يعود على القتل ، أي لا يقدر أحد منكم أن يحجزه عن ذلك ويدفعه عنه ، والخطاب في منكم للناس ، والظاهر في (حاجِزِينَ) أن يكون خبرا لما على لغة الحجاز ، لأن حاجزين هو محط الفائدة ، ويكون منكم لو تأخر لكان صفة لأحد ، فلما تقدّم صار حالا ، وفي جواز هذا نظر. أو يكون للبيان ، أو تتعلق بحاجزين ، كما تقول : ما فيك زيد راغبا ، ولا يمنع هذا