يوم القيامة. وقيل : طوله ذلك العدد ، وهذا ظاهر ما جاء في الحديث في مانع الزكاة فإنه قال : (فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ). وقال ابن عباس وأبو سعيد الخدري : قدره في رزاياه وهوله وشدته للكفار ذلك العدد. وفي الحديث : «يخف على المؤمن حتى يكون أخف عليه من صلاة مكتوبة». وقال عكرمة مقدار : ما ينقضي فيه من الحساب قدر ما يقضي بالعدل في خمسين ألف سنة من أيام الدنيا. وقال الحسن : نحوه. وقيل : لا يراد حقيقة العدد ، إنما أريد به طول الموقف يوم القيامة وما فيه من الشدائد ، والعرب تصف أيام الشدة بالطول وأيام الفرح بالقصر. قال الشاعر يصف أيام الفرح والسرور :
ويوم كظل الرمح قصر طوله |
|
دم الزق عنا واصطفاق المزاهر |
والظاهر أن قوله : (فِي يَوْمٍ) متعلق بتعرج. وقيل : بدافع ، والجملة من قوله : (تَعْرُجُ) اعتراض. ولما كانوا قد سألوا استعجال العذاب ، وكان السؤال على سبيل الاستهزاء والتكذيب ، وكانوا قد وعدوا به ، أمره تعالى بالصبر ، ومن جعله من السيلان فالمعنى : أنه أشرف على الوقوع ، والضمير في (يَرَوْنَهُ) عائد على العذاب أو على اليوم ، إذا أريد به يوم القيامة ، وهذا الاستبعاد هو على سبيل الإحالة منهم. (وَنَراهُ قَرِيباً) : أي هينا في قدرتنا ، غير بعيد علينا ولا متعذر ، وكل ما هو آت قريب ، والبعد والقرب في الإمكان لا في المسافة. (يَوْمَ تَكُونُ) : منصوب بإضمار فعل ، أي يقع يوم تكون ، أو (يَوْمَ تَكُونُ السَّماءُ كَالْمُهْلِ) كان كيت وكيت ، أو بقريبا ، أو بدل من ضمير نراه إذا كان عائدا على يوم القيامة. وقال الزمخشري : أو هو بدل من (فِي يَوْمٍ) فيمن علقه بواقع. انتهى. ولا يجوز هذا ، لأن (فِي يَوْمٍ) وإن كان في موضع نصب لا يبدل منه منصوب لأن مثل هذا ليس من المواضع التي تراعى في التوابع ، لأن حرف الجر فيها ليس بزائد ولا محكوم له بحكم الزائد كرب ، وإنما يجوز مراعاة المواضع في حرف الجر الزائد كقوله :
يا بني لبينى لستما بيد |
|
إلا يدا ليست لها عضد |
ولذلك لا يجوز : مررت بزيد الخياط ، على مراعاة موضع بزيد ، ولا مررت بزيد وعمرا ، ولا غضبت على زيد وجعفرا ، ولا مررت بعمر وأخاك على مراعاة الموضع. فإن قلت : الحركة في يوم تكون حركة بناء لا حركة إعراب ، فهو مجرور مثل (فِي يَوْمٍ). قلت : لا يجوز بناؤه على مذهب البصريين لأنه أضيف إلى معرب ، لكنه يجوز على مذهب الكوفيين ، فيتمشى كلام الزمخشري على مذهبهم إن كان استحضره وقصده. (كَالْمُهْلِ) : تقدم الكلام عليه في سورة الدخان ، (وَتَكُونُ الْجِبالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ) ، كما في