أصنامهم بها. قال أبو عثمان النهدي : رأيت يغوث ، وكان من رصاص ، يحمل على جمل أجرد يسيرون معه لا يهيجونه حتى يكون هو الذي يبرك ، فإذا برك نزلوا وقالوا : قد رضي لكم المنزل ، فينزلون حوله ويضربون له بناء. انتهى. وقال الثعلبي : كان يغوث لكهلان من سبأ ، يتوارثونه حتى صار في همدان ، وفيه يقول مالك بن نمط الهمداني :
يريش الله في الدنيا ويبري |
|
ولا يبري يغوث ولا يريش |
وقال الماوردي : ود اسم صنم معبود. سمي ودا لودهم له. انتهى. وقيل : كان ود على صورة رجل ، وسواع على صورة امرأة ، ويغوث على صورة أسد ، ويعوق على صورة فرس ، ونسر على صورة نسر ، وهذا مناف لما تقدم من أنهم صوروا صور ناس صالحين. وقرأ نافع وأبو جعفر وشيبة ، بخلاف عنهم : ودا ، بضم الواو ؛ والحسن والأعمش وطلحة وباقي السبعة : بفتحها ، قال الشاعر :
حياك ودّ فإنا لا يحل لنا |
|
لهو النساء وأن الدين قد عزما |
وقال آخر :
فحياك ودّ من هداك لعسه |
|
وخوص باعلا ذي فضالة هجه |
قيل : أراد ذلك الصنم. وقرأ الجمهور : (وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ) بغير تنوين ، فإن كانا عربيين ، فمنع الصرف للعلمية ووزن الفعل ، وإن كانا عجميين ، فللعجمة والعلمية. وقرأ الأشهب : ولا يغوثا ويعوقا بتنوينهما. قال صاحب اللوامح : جعلهما فعولا ، فلذلك صرفهما. فأما في العامة فإنهما صفتان من الغوث والعوق بفعل منهما ، وهما معرفتان ، فلذلك منع الصرف لاجتماع الفعلين اللذين هما تعريف ومشابهة الفعل المستقبل. انتهى ، وهذا تخبيط. أما أولا ، فلا يمكن أن يكونا فعولا ، لأن مادة يغث مفقودة وكذلك يعق ؛ وأما ثانيا ، فليسا بصفتين من الغوث والعوق ، لأن يفعلا لم يجىء اسما ولا صفة ، وإنما امتنعا من الصرف لما ذكرناه. وقال ابن عطية : وقرأ الأعمش : ولا يغوثا ويعوقا بالصرف ، وذلك وهم لأن التعريف لازم ووزن الفعل. انتهى. وليس ذلك بوهم ، ولم ينفرد الأعمش بذلك ، بل قد وافقه الأشهب العقيلي على ذلك ، وتخريجه على أحد الوجهين ، أحدهما : أنه جاء على لغة من يصرف جميع ما لا ينصرف عند عامة العرب ، وذلك لغة وقد حكاها الكسائي وغيره ؛ والثاني : أنه صرف لمناسبة ما قبله وما بعده من المنون ، إذ قبله (وَدًّا وَلا سُواعاً) ، وبعده (وَنَسْراً) ، كما قالوا في صرف سلاسلا (١) ، و (قَوارِيرَا قَوارِيرَا) (٢) ،
__________________
(١) سورة الإنسان ؛ ٧٦ / ٤.
(٢) سورة الإنسان : ٧٦ / ١٥ ـ ١٦.