وغيرهما ، وانتصب (تَبْتِيلاً) على أنه مصدر على غير الصدر ، وحسن ذلك كونه فاصلة. وقرأ الأخوان وابن عامر وأبو بكر ويعقوب : رب بالخفض على البدل من ربك ؛ وباقي السبعة : بالرفع ؛ وزيد بن عليّ : بالنصب ؛ والجمهور : المشرق والمغرب موحدين ؛ وعبد الله وأصحابه وابن عباس : بجمعهما. وقال الزمخشري ، وعن ابن عباس : على القسم ، يعني : خفض رب بإضمار حرف القسم ، كقولك : الله لأفعلن ، وجوابه : لا إله إلا هو ، كما تقول : والله لا أحد في الدار إلا زيد. انتهى. ولعل هذا التخريج لا يصح عن ابن عباس ، إذ فيه إضمار الجار في القسم ، ولا يجوز عند البصريين في لفظة الله ، ولا يقاس عليه. ولأن الجملة المنفية في جواب القسم إذا كانت اسمية فلا تنفي إلا بما وحدها ، ولا تنفي بلا إلا الجملة المصدرة بمضارع كثيرا وبماض في معناه قليلا ، نحو قول الشاعر :
ردوا فو الله لا زرناكم أبدا |
|
ما دام في مائنا ورد لورّاد |
والزمخشري أورد ذلك على سبيل التجويز والتسليم ، والذي ذكره النحويون هو نفيها بما نحو قوله :
لعمرك ما سعد بخلة آثم |
|
ولا نأنأ يوم الحفاظ ولا حصر |
(فَاتَّخِذْهُ وَكِيلاً) ، لأن من انفرد بالألوهية لم يتخذ وكيلا إلا هو. (وَاصْبِرْ) ، (وَاهْجُرْهُمْ) : قيل منسوخ بآية السيف. (وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ) : قيل نزلت في صناديد قريش ، وقيل : في المطعمين يوم بدر ، وتقدّمت أسماؤهم في سورة الأنفال ، وتقدّم شرح مثل هذا في (فَذَرْنِي وَمَنْ يُكَذِّبُ بِهذَا الْحَدِيثِ) (١). (أُولِي النَّعْمَةِ) : أي غضارة العيش وكثرة المال والولد ، والنعمة بالفتح : التنعم ، وبالكسر : الأنعام وما ينعم به ، وبالضم : المسرّة ، يقال : نعم ونعمة عين. (وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلاً) : وعيد لهم بسرعة الانتقام منهم ، والقليل : موافاة آجالهم وقيل : وقعة بدر. (إِنَّ لَدَيْنا) : أي ما يضاد نعمتهم ، (أَنْكالاً) : قيودا في أرجلهم. قال الشعبي : لم تجعل في أرجلهم خوفا من هروبهم ، ولكن إذا أرادوا أن يرتفعوا استقلت بهم. وقال الكلبي : الأنكال : الأغلال ، والأول أعرف في اللغة ، ومنه قول الخنساء :
دعاك فقطعت أنكاله |
|
وقد كن قبلك لا تقطع |
__________________
(١) سورة القلم : ٦٨ / ٤٤.