الضحاك : هذا خاص به صلىاللهعليهوسلم ، ومباح ذلك لأمته ، لكنه لا أجر لهم. وعن ابن عباس أيضا : لا تقل دعوت فلم أجب. وعن قتادة : لا تدل بعملك. وعن ابن زيد : لا تمنن بنبوتك ، تستكثر بأجر أو كسب تطلبه منهم. وقال الحسن : تمنن على الله بجدك ، تستكثر أعمالك ويقع لك بها إعجاب ، وهذه الأقوال كلها من المنّ تعداد اليد وذكرها. وقال مجاهد : (وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ) ما حملناك من أعباء الرسالة ، أو تستكثر من الخير ، من قولهم : حبل متين : أي ضعيف. وقيل : ولا تعط مستكثرا رائيا لما تعطيه. وقرأ الجمهور : تستكثر برفع الراء ، والجملة حالية ، أي مستكثرا. قال الزمخشري : ويجوز في الرفع أن تحذف أن ويبطل عملها ، كما روي : أحضر الوغى بالرفع. انتهى ، وهذا لا يجوز أن يحمل القرآن عليه ، لأنه لا يجوز ذلك إلا في الشعر ، ولنا مندوحة عنه مع صحة الحال ، أي مستكثرا. وقرأ الحسن وابن أبي عبلة : بجزم الراء ، ووجهه أنه بدل من تمنن ، أي لا تستكثر ، كقوله : (يُضاعَفْ لَهُ الْعَذابُ) (١) في قراءة من جزم ، بدلا من قوله : (يَلْقَ) (٢) ، وكقوله :
متى تأتنا تلمم بنا في ديارنا |
|
تجد حطبا جزلا ونارا تأججا |
ويكون من المن الذي في قوله تعالى : (لا تُبْطِلُوا صَدَقاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذى) (٣) ، لأن من شأن المان أن يستكثر ما يعطي أن تراه كثيرا ويعتد به ؛ وأجاز الزمخشري فيه وجهين ، أحدهما : أن تشبه ثرو بعضد فتسكن تخفيفا ؛ والثاني : أن يعتبر حال الوقف ، يعني فيجري الوصل مجرى الوقف ، وهذان لا يجوز أن يحمل القرآن عليهما مع وجود ما هو راجح عليهما ، وهو المبدل. وقرأ الحسن أيضا والأعمش : تستكثر بنصب الراء ، أي لن تحقرها. وقرأ ابن مسعود : أن تستكثر ، بإظهار أن. (وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ) : أي لوجه ربك أمره بالصبر ، فيتناول الصبر على تكاليف النبوة ، وعلى أداء طاعة الله ، وعلى أذى الكفار. قال ابن زيد : على حرب الأحمر والأسود ، فكل مصبور عليه ومصبور عنه يندرج في الصبر. وقال الزمخشري : والفاء في قوله : (فَإِذا نُقِرَ) للتسبب ، كأنه قيل : فاصبر على أذاهم ، فبين أيديهم يوم عسير يلقون فيه عاقبة أذاهم وتلقى عاقبة صبرك عليه. وقال الزمخشري : والفاء في (فَذلِكَ) للجزاء. فإن قلت : بم انتصب إذا ، وكيف صح أن يقع يومئذ ظرفا ليوم عسير؟ قلت : انتصب إذا بما دل عليه الجزاء ، لأن المعنى : (فَإِذا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ) ، عسر الأمر على الكافرين ؛ والذي أجاز وقوع يومئذ ظرفا ليوم عسير أن المعنى : فذلك وقت النقر
__________________
(١) سورة الفرقان : ٢٥ / ٦٩.
(٢) سورة الفرقان : ٢٥ / ٦٨.
(٣) سورة البقرة : ٢ / ٢٦٤.