لأعرب عشر. وقرأ أنس أيضا : تسعة بالضم ، أعشر بالفتح. وقال صاحب اللوامح : فيجوز أنه جمع العشرة على أعشر ثم أجراه مجرى تسعة عشر ، وعنه أيضا تسعة وعشر بالضم ، وقلب الهمزة من أعشر واوا خالصة تخفيفا ، والباء فيهما مضمومة ضمة بناء لأنها معاقبة للفتحة ، فرارا من الجمع بين خمس حركات على جهة واحدة. وعن سليمان بن قنة ، وهو أخو إبراهيم : أنه قرأ تسعة أعشر بضم التاء ضمة إعراب وإضافته إلى أعشر ، وأعشر مجرور منون وذلك على فك التركيب. قال صاحب اللوامح : ويجيء على هذه القراءة ، وهي قراءة من قرأ أعشر مبنيا أو معربا من حيث هو جمع ، أن الملائكة الذين هم على النار تسعون ملكا. انتهى ، وفيه بعض تلخيص. قال الزمخشري : وقرىء تسعة أعشر جمع عشير ، مثل يمين وأيمن. انتهى. وسليمان بن قنة هذا هو الذي مدح أهل بيت رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وهو القائل :
مررت على أبيات آل محمد |
|
فلم أر أمثالا لها يوم حلت |
وكانوا ثمالا ثم عادوا رزية |
|
لقد عظمت تلك الرزايا وجلت |
(وَما جَعَلْنا أَصْحابَ النَّارِ إِلَّا مَلائِكَةً) : أي جعلناهم خلقا لا قبل لأحد من الناس بهم ، (وَما جَعَلْنا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا) : أي سبب فتنة ، وفتنة مفعول ثان لجعلنا ، أي جعلنا تلك العدّة ، وهي تسعة عشر ، سببا لفتنة الكفار ، فليس فتنة مفعولا من أجله ، وفتنتهم هي كونهم أظهروا مقاومتهم في مغالبتهم ، وذلك على سبيل الاستهزاء. فإنهم يكذبون بالبعث وبالنار وبخزنتها. (لِيَسْتَيْقِنَ) : هذا مفعول من أجله ، وهو متعلق بجعلنا لا بفتنة. فليست الفتنة معلولة للاستيقان ، بل المعلول جعل العدّة سببا لفتنة (الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ) ، وهم اليهود والنصارى. إنّ هذا القرآن هو من عند الله ، إذ هم يجدون هذه العدّة في كتبهم المنزلة ، ويعلمون أن الرسول لم يقرأها ولا قرأها عليه أحد ، ولكن كتابة يصدّق كتب الأنبياء ، إذ كل ذلك حق يتعاضد من عند الله تعالى. قال هذا المعنى ابن عباس ومجاهد ، وبورود الحقائق من عند الله تعالى يزداد كل ذي إيمان إيمانا ، ويزول الريب عن المصدّقين من أهل الكتاب وعن المؤمنين. وقيل : إنما صار جعلها فتنة لأنهم يستهزئون ويقولون : لم لم يكونوا عشرين؟ وما المقتضى لتخصيص هذا العدد بالوجود؟ ويقولون هذا العدد القليل ، يقوون بتعذيب أكثر العالم من الجن والإنس من أول ما خلق الله تعالى إلى قيام الساعة.
وقال الزمخشري : فإن قلت : قد جعل افتتان الكافرين بعدّة الزبانية سببا لاستيقان