الإلصاق ، والمعنى : يشرب عباد الله بها الخمر ، كما تقول : شربت الماء بالعسل ، أو ضمن يشرب معنى يروى فعدى بالباء. وقيل : الباء زائدة والمعنى يشرب بها ، وقال الهذلي :
شربن بماء البحر ثم ترفعت |
|
متى لجج خضر لهن نئيج |
قيل : أي شربن ماء البحر. وقرأ ابن أبي عبلة : بشربها ؛ وعباد الله هنا هم المؤمنون ، (يُفَجِّرُونَها) : يثقبونها بعود قصب ونحوه حيث شاءوا ، فهي تجري عند كل واحد منهم ، هكذا ورد في الأثر. وقيل : هي عين في دار رسول الله صلىاللهعليهوسلم تنفجر إلى دور الأنبياء والمؤمنين. (يُوفُونَ بِالنَّذْرِ) في الدنيا ، وكانوا يخافون. وقال الزمخشري : (يُوفُونَ) جواب من عسى يقول ما لهم يرزقون ذلك. انتهى. فاستعمل عسى صلة لمن وهو لا يجوز ، وأتى بعد عسى بالمضارع غير مقرون بأن ، وهو قليل أو في شعر. والظاهر أن المراد بالنذر ما هو المعهود في الشريعة أنه نذر. قال الأصم وتبعه الزمخشري : هذا مبالغة في وصفهم بالتوفر على أداء الواجبات ، لأن من وفى بما أوجبه هو على نفسه كان لما أوجبه الله تعالى عليه أوفى. وقيل : النذر هنا عام لما أوجبه الله تعالى ، وما أوجبه العبد فيدخل فيه الإيمان وجمع الطاعات. (عَلى حُبِّهِ) : أي على حب الطعام ، إذ هو محبوب للفاقة والحاجة ، قاله ابن عباس ومجاهد ؛ أو على حب الله : أي لوجهه وابتغاء مرضاته ، قاله الفضيل بن عياض وأبو سليمان الداراني. والأول أمدح ، لأن فيه الإيثار على النفس ؛ وأما الثاني فقد يفعله الأغنياء أكثر. وقال الحسن بن الفضل : على حب الطعام ، أي محبين في فعلهم ذلك ، لا رياء فيه ولا تكلف. (مِسْكِيناً) : وهو الطواف المنكسر في السؤال ، (وَيَتِيماً) : هو الصبي الذي لا أب له ، (وَأَسِيراً) : والأسير معروف ، وهو من الكفار ، قاله قتادة. وقيل : من المسلمين تركوا في بلاد الكفار رهائن وخرجوا لطلب الفداء. وقال ابن جبير وعطاء : هو الأسير من أهل القبلة. وقيل : (وَأَسِيراً) استعارة وتشبيه. وقال مجاهد وابن جبير وعطاء : هو المسجون. وقال أبو حمزة اليماني : هي الزوجة ؛ وعن أبي سعيد الخدري : هو المملوك والمسجون. وفي الحديث : «غريمك أسيرك فأحسن إلى أسيرك».
(إِنَّما نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللهِ) : هو على إضمار القول ، ويجوز أن يكونوا صرحوا به خطابا للمذكورين ، منعا منهم وعن المجازاة بمثله أو الشكر ، لأن إحسانهم مفعول لوجه الله تعالى ، فلا معنى لمكافأة الخلق ، وهذا هو الظاهر. وقال مجاهد : أما أنهم ما تكلموا