تشتغل ، يقال : لها عن الشيء يلهى ، إذا اشتغل عنه. قيل : وليس من اللهو الذي هو من ذوات الواو. انتهى. ويمكن أن يكون منه ، لأن ما يبنى على فعل من ذوات الواو تنقلب واوه ياء لكسرة ما قبلها ، نحو : شقي يشقى ، فإن كان مصدره جاء بالياء ، فيكون من مادة غير مادة اللهو. وقرأ الجمهور : (تَلَهَّى) ؛ والبزي عن ابن كثير : عنهو تلهى ، بإدغام تاء المضارعة في تاء تفعل ؛ وأبو جعفر : بضمها مبنيا للمفعول ، أي يشغلك دعاء الكافر للإسلام ؛ وطلحة : بتاءين ؛ وعنه بتاء واحدة وسكون اللام.
(كَلَّا إِنَّها) : أي سورة القرآن والآيات ، (تَذْكِرَةٌ) : عظة ينتفع بها. (فَمَنْ شاءَ ذَكَرَهُ) : أي فمن شاء أن يذكر هذه الموعظة ذكره ، أتى بالضمير مذكرا لأن التذكرة هي الذكر ، وهي جملة معترضة تتضمن الوعد والوعيد ، (فَمَنْ شاءَ اتَّخَذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلاً) (١) ، واعترضت بين تذكرة وبين صفته ، أي تذكرة : كائنة. (فِي صُحُفٍ) ، قيل : اللوح المحفوظ ، وقيل : صحف الأولياء المنزلة ، وقيل : صحف المسلمين ، فيكون إخبارا بمغيب ، إذ لم يكتب القرآن في صحف زمان ، كونه عليهالسلام بمكة ينزل عليه القرآن ، مكرمة عند الله ، ومرفوعة في السماء السابعة ، قاله يحيى بن سلام ، أو مرفوعة عن الشبه والتناقض ، أو مرفوعة المقدار. (مُطَهَّرَةٍ) : أي منزهة عن كل دنس ، قاله الحسن. وقال أيضا : مطهرة من أن تنزل على المشركين. وقال الزمخشري : منزهة عن أيدي الشياطين ، لا تمسها إلا أيدي ملائكة مطهرة. (سَفَرَةٍ) : كتبة ينسخون الكتب من اللوح المحفوظ. انتهى. (بِأَيْدِي سَفَرَةٍ) ، قال ابن عباس : هم الملائكة لأنهم كتبة. وقال أيضا : لأنهم يسفرون بين الله تعالى وأنبيائه. وقال قتادة : هم القراء ، وواحد السفرة سافر. وقال وهب : هم الصحابة ، لأن بعضهم يسفر إلى بعض في الخير والتعليم والعلم.
(قُتِلَ الْإِنْسانُ ما أَكْفَرَهُ) ، قيل : نزلت في عتبة بن أبي لهب ، غاضب أباه فأسلم ، ثم استصلحه أبوه وأعطاه مالا وجهزه إلى الشام ، فبعث إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنه كافر برب النجم إذا هوى. وروي أنه صلىاللهعليهوسلم قال : «اللهم ابعث عليه كلبك يأكله». فلما انتهى إلى الغاضرة ذكر الدعاء ، فجعل لمن معه ألف دينار إن أصبح حيا ، فجعلوه وسط الرفقة والمتاع حوله. فأقبل الأسد إلى الرجال ووثب ، فإذا هو فوقه فمزقه ، فكان أبوه يندبه ويبكي عليه ، وقال : ما قال محمد شيئا قط إلا كان ، والآية ، وإن نزلت في مخصوص ، فالإنسان يراد به
__________________
(١) سورة المزمل : ٧٣ / ١٩.