أيضا : فعلا ماضيا ، ذات بنصب التاء على المفعول به ، وذات بالكسر صفة لإرم ؛ وسواء كانت اسم قبيلة أو مدينة ، وإن كان يترجح كونها مدينة بقوله : (لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُها فِي الْبِلادِ) ، فإذا كانت قبيلة صح إضافة عاد إليها وفكها منها بدلا أو عطف بيان ، وإن كانت مدينة فالإضافة إليها ظاهرة والفك فيها يكون على حذف مضاف ، أي بعاد أهل إرم ذات العماد.
وقرىء : (إِرَمَ ذاتِ) ، بإضافة إرم إلى ذات ، والإرم : العلم ، يعني بعاد : أعلام ذات العماد. ومن قرأ : أرم فعلا ماضيا ، ذات بالنصب ، أي جعل الله ذات العماد رميما ، ويكون (إِرَمَ) بدلا من (فَعَلَ رَبُّكَ) وتبيينا لفعل ، وإذا كانت (ذاتِ الْعِمادِ) صفة للقبيلة. فقال ابن عباس : هي كناية عن طول أبدانهم ، ومنه قيل : رفيع العماد ، شبهت قدودهم بالأعمدة ، ومنه قولهم : رجل عمد وعمدان أي طويل. وقال عكرمة ومقاتل : أعمدة بيوتهم التي كانوا يرحلون بها لأنهم كانوا أهل عمود. وقال ابن زيد : أعمدة بنيانهم ، وإذا كانت صفة للمدينة ، فأعمدة الحجارة التي بنيت بها. وقيل : القصور العالية والأبراج يقال لها عماد. وحكي عن مجاهد : أرم مصدر ، أرم يأرم إذا هلك ، والمعنى : كهلاك ذات العماد ، وهذا قول غريب ، كأن معنى (كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعادٍ) : كيف أهلك عادا كهلاك ذات العماد. وذكر المفسرون أن ذات العماد مدينة ابتناها شداد بن عاد لما سمع بذكر الجنة على أوصاف بعيد ، أو مستحيل عادة أن يبنى في الأرض مثلها ، وأن الله تعالى بعث عليها وعلى أهله صيحة قبل أن يدخلها هلكوا جميعا ، ويوقف على قصتهم في كتاب التحرير وشيء منها في الكشاف.
وقرأ الجمهور : (لَمْ يُخْلَقْ) مبنيا للمفعول ، (مِثْلُها) رفع ؛ وابن الزبير : مبنيا للفاعل ، مثلها نصبا ، وعنه : نخلق بالنون والضمير في مثلها عائد على المدينة التي هي ذات العماد في البلاد ، أي في بلاد الدنيا ، أو عائد على القبيلة ، أي في عظم أجسام وقوة. وقرأ ابن وثاب وثمود بالتنوين. والجمهور : بمنع الصرف. (جابُوا الصَّخْرَ) : خرقوه ونحتوه ، فاتخذوا في الحجارة منها بيوتا ، كما قال تعالى : (وَتَنْحِتُونَ مِنَ الْجِبالِ بُيُوتاً) (١). قيل : أول من نحت الجبال والصخور والرخام ثمود ، وبنوا ألفا وسبعمائة مدينة كلها بالحجارة بالوادي ، وادي القرى. وقيل : جابوا واديهم وجلبوا ماءهم في صخر شقوه فعل ذي القوة
__________________
(١) سورة الشعراء : ٢٦ / ١٤٩.