وقرأ ابن كثير والنحويان : فك فعلا ماضيا ، رقبة نصب ، أو أطعم فعلا ماضيا ؛ وباقي السبعة : فك مرفوعا ، رقبة مجرورا ، وإطعام مصدر منون معطوف على فك. وقرأ عليّ وأبو رجاء كقراءة ابن كثير ، إلا أنهما قرأ : ذا مسغبة بالألف. وقرأ الحسن وأبو رجاء أيضا : أو إطعام في يوم ذا بالألف ، ونصب ذا على المفعول ، أي إنسانا ذا مسغبة ، ويتيما بدل منه أو صفة. وقرأ بعض التابعين : فك رقبة بالإضافة ، أو أطعم فعلا ماضيا. ومن قرأ فك بالرفع ، فهو تفسير لاقتحام العقبة ، والتقدير : وما أدراك ما اقتحام العقبة. ومن قرأ فعلا ماضيا ، فلا يحتاج إلى تقدير مضاف ، بل يكون التعظيم للعقبة نفسها ، ويجيء فك بدلا من اقتحم ، قاله ابن عطية. وفك الرقبة : تخليصها من الأسر والرق. (ذا مَقْرَبَةٍ) : ليجتمع صدقة وصلة ، وأو هنا للتنويع ، ووصف يوم بذي مسغبة على الاتساع. (ذا مَتْرَبَةٍ) ، قال : هم المطروحون على ظهر الطريق قعودا على التراب ، لا بيوت لهم. وقال ابن عباس : هو الذي يخرج من بيته ، ثم يقلب وجهه إليه مستيقنا أنه ليس فيه إلا التراب.
(ثُمَّ كانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا) : هذا معطوف على قوله : (فَلَا اقْتَحَمَ) ؛ ودخلت ثم لتراخي الإيمان والفضيلة ، لا للتراخي في الزمان ، لأنه لا بد أن يسبق تلك الأعمال الحسنة الإيمان ، إذ هو شرط في صحة وقوعها من الطائع ، أو يكون المعنى : ثم كان في عاقبة أمره من الذين وافوا الموت على الإيمان ، إذ الموافاة عليه شرط في الانتفاع بالطاعات ، أو يكون التراخي في الذكر كأنه قيل : ثم اذكر أنه كان من الذين آمنوا. (وَتَواصَوْا بِالصَّبْرِ) : أي أوصى بعضهم بعضا بالصبر على الإيمان والطاعات وعن المعاصي ، (وَتَواصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ) : أي بالتعاطف والتراحم ، أو بما يؤدي إلى رحمة الله. والميمنة والمشأمة تقدّم القول فيهما في الواقعة. وقرأ أبو عمرو وحمزة وحفص : (مُؤْصَدَةٌ) بالهمز هنا وفي الهمزة ، فيظهر أنه من آصدت قيل : ويجوز أن يكون من أوصدت ، وهمز على حد من قرأ بالسؤق مهموزا. وقرأ باقي السبعة بغير همز ، فيظهر أنه من أوصدت. وقيل : يجوز أن يكون من آصدت ، وسهل الهمزة ، وقال الشاعر :
قوما تعالج قملا أبناءهم |
|
وسلاسلا حلقا وبابا مؤصدا |