اللفظ عاما ، لأن الله سبحانه وتعالى تابع في أوصافه والخبر عنه حتى فهم أنه يشير إلى شخص بعينه ، وكذلك قوله في سورة ن : (وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ) (١). تابع في الصفات حتى علم أنه يريد إنسانا بعينه. وتقدم الكلام في الهمزة في سورة ن ، وفي اللمز في سورة براءة ، وفعله من أبنية المبالغة ، كنومة وعيبة وسحرة وضحكة ، وقال زياد الأعجم :
تدلى بودّي إذا لاقيتني كذبا |
|
وإن أغيب فأنت الهامز اللمزه |
وقرأ الجمهور : بفتح الميم فيهما ؛ والباقون : بسكونها ، وهو المسخرة الذي يأتي بالأضاحيك منه ، ويشتم ويهمز ويلمز. (الَّذِي) : بدل ، أو نصب على الذم. وقرأ الحسن وأبو جعفر وابن عامر والأخوان : جمع مشدد الميم ؛ وباقي السبعة : بالتخفيف ، والجمهور : (وَعَدَّدَهُ) بشد الدال الأولى : أي أحصاه وحافظ عليه. وقيل : جعله عدة لطوارق الدهر ؛ والحسن والكلبي : بتخفيفهما ، أي جمع المال وضبط عدده. وقيل : وعددا من عشيرته. وقيل : وعدده على ترك الإدغام ، كقوله :
إني أجود لأقوام وإن ضننوا
(أَخْلَدَهُ) : أي أبقاه حيا ، إذ به قوام حياته وحفظه مدّة عمره. قال الزمخشري : أي طوّل المال أمله ومناه الأماني البعيدة ، حتى أصبح لفرط غفلته وطول أمله يحسب أن المال تركه خالدا في الدنيا لا يموت. قيل : وكان للأخنس أربعة آلاف دينار. وقيل : عشرة آلاف دينار. (كَلَّا) ردع له عن حسبانه. وقرأ الجمهور : (لَيُنْبَذَنَ) فيه ضمير الواحد ؛ وعليّ والحسن : بخلاف عنه ؛ وابن محيصن وحميد وهارون عن أبي عمرو : لينبذان ، بألف ضمير اثنين : الهمزة وماله. وعن الحسن أيضا : لينبذن بضم الذال ، أي هو وأنصاره. وعن أبي عمرو : لينبذنه. وقرأ الجمهور : (فِي الْحُطَمَةِ وَما أَدْراكَ مَا الْحُطَمَةُ) ؛ وزيد بن عليّ : في الحاطمة وما أدراك ما الحاطمة ، وهي النار التي من شأنها أن تحطم كل ما يلقى فيها. قال الضحاك : الحطمة : الدرك الرابع من النار. وقال الكلبي : الطبقة السادسة من جهنم ؛ وحكى عنه القشيري أنها الدركة الثانية ؛ وعنه أيضا : الباب الثاني. وقال الواحدي : باب من أبواب جهنم ، انتهى.
و (نارُ اللهِ) : أي هي ، أي الحطمة. (الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ) : ذكرت الأفئدة لأنها ألطف ما في البدن وأشدّه تألما بأدنى شيء من الأذى ؛ واطلاع النار عليها هو أنها تعلوها
__________________
(١) سورة القلم : ٦٨ / ١.