على ذات فلا يصح ، لأن فذلك إشارة إلى الذي يكذب ، فليسا بذاتين ، لأن المشار إليه بقوله : (فَذلِكَ) هو واحد. وأما قوله : ويكون جواب (أَرَأَيْتَ) محذوفا ، فلا يسمى جوابا ، بل هو في موضع المفعول الثاني لأرأيت. وأما قوله : أنعم ما يصنع ، فهمزة الاستفهام لا نعلم دخولها على نعم ولا بئس ، لأنهما إنشاء ، والاستفهام لا يدخل إلا على الخبر. وأما وضعه المصلين موضع الضمير ، وأن المصلين جمع ، لأن ضمير الذي يكذب معناه الجمع ، فتكلف واضح ولا ينبغي أن يحمل القرآن إلا على ما اقتضاه ظاهر التركيب ، وهكذا عادة هذا الرجل يتكلف أشياء في فهم القرآن ليست بواضحة. وتقدّم الكلام في الرياء في سورة البقرة.
وقرأ الجمهور : يراءون مضارع راأى ، على وزن فاعل ؛ وابن أبي إسحاق والأشهب : مهموزة مقصورة مشدّدة الهمزة ؛ وعن ابن أبي إسحاق : بغير شد في الهمزة. فتوجيه الأولى إلى أنه ضعف الهمزة تعدية ، كما عدوا بالهمزة فقالوا في رأى : أرى ، فقالوا : راأى ، فجاء المضارع بأرى كيصلى ، وجاء الجمع يروّون كيصلون ، وتوجيه الثانية أنه استثقل التضعيف في الهمزة فخففها ، أو حذف الألف من يراءون حذفا لا لسبب. (وَيَمْنَعُونَ الْماعُونَ) ، قال ابن المسيب وابن شهاب : الماعون ، بلغة قريش : المال. وقال الفرّاء عن بعض العرب : الماعون : الماء. وقال ابن مسعود وابن عباس وابن الحنفية والحسن والضحاك وابن زيد : ما يتعاطاه الناس بينهم ، كالفأس والدلو والآنية. وفي الحديث : «سئل صلىاللهعليهوسلم عن الشيء الذي لا يحل منعه فقال : الماء والملح والنار». وفي بعض الطرق : الإبرة والخمير. وقال عليّ وابن عمر وابن عباس أيضا : الماعون : الزكاة ، ومنه قول الراعي :
أخليفة الرحمن إنا معشر |
|
حنفاء نسجد بكرة وأصيلا |
عرب نرى لله من أموالنا |
|
حق الزكاة منزلا تنزيلا |
قوم على الإسلام لما يمنعوا |
|
ماعونهم ويضيعوا التهليلا |
يعني بالماعون : الزكاة ، وهذا القول يناسبه ما ذكره قطرب من أن أصله من المعن ، وهو الشيء القليل ، فسميت الزكاة ماعونا لأنها قليل من كثير ، وكذلك الصدقة غيرها. وقال ابن عباس : هو العارية. وقال محمد بن كعب والكلبي : هو المعروف كله. وقال عبد الله بن عمر : منع الحق. وقيل : الماء والكلأ.