أنطيناك بالنون ، وهي قراءة مروية عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم. قال التبريزي : هي لغة للعرب العاربة من أولي قريش. ومن كلامه صلىاللهعليهوسلم : «اليد العلياء المنطية واليد السفلى المنطاة». ومن كلامه أيضا ، عليه الصلاة والسلام : «وأنطوا النيحة». وقال الأعشى :
جيادك خير جياد الملوك |
|
تصان الحلال وتنطى السعيرا |
قال أبو الفضل الرازي وأبو زكريا التبرزي : أبدل من العين نونا ؛ فإن عنيا النون في هذه اللغة مكان العين في غيرها فحسن ، وإن عنيا البدل الصناعي فليس كذلك ، بل كل واحد من اللغتين أصل بنفسها لوجود تمام التصرّف من كل واحدة ، فلا يقول الأصل العين ، ثم أبدلت النون منها.
وذكر في التحرير : في الكوثر ستة وعشرين قولا ، والصحيح هو ما فسره به رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فقال : «هو نهر في الجنة ، حافتاه من ذهب ، ومجراه على الدر والياقوت ، ترتبه أطيب من المسك ، وماؤه أحلى من العسل وأبيض من الثلج». قال الترمذي : هذا حديث حسن صحيح. وفي صحيح مسلم ، واقتطعنا منه ، قال : «أتدرون ما الكوثر؟ قلنا : الله ورسوله أعلم ، قال : نهر وعدنيه ربي عليه خير كثير هو حوض ترد عليه أمتي يوم القيامة ، آنيته عدد النجوم» انتهى. قال ذلك عليه الصلاة والسلام عند ما نزلت هذه السورة وقرأها.
وقال ابن عباس : الكوثر : الخير الكثير. وقيل لابن جبير : إن ناسا يقولون : هو نهر في الجنة ، فقال : هو من الخير الكثير. وقال الحسن : الكوثر : القرآن. وقال أبو بكر بن عباس ويمان بن وثاب : كثرة الأصحاب والأتباع. وقال هلال بن يساف : هو التوحيد. وقال جعفر الصادق : نور قلبه دله على الله تعالى وقطعه عما سواه. وقال عكرمة : النبوّة. وقال الحسن بن الفضل : تيسير القرآن وتخفيف الشرائع. وقال ابن كيسان : الإيثار. وينبغي حمل هذه الأقوال على التمثيل ، لا أن الكوثر منحصر في واحد منها. والكوثر فوعل من الكثرة ، وهو المفرط الكثرة. قيل لأعرابية رجع ابنها من السفر : بم آب ابنك؟ قالت : آب بكوثر. وقال الشاعر :
وأنت كثير يا ابن مروان طيب |
|
وكان أبوك ابن العقائل كوثرا |
(فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ) : الظاهر أن فصل أمر بالصلاة يدخل فيها المكتوبات والنوافل. والنحر : نحر الهدي والنسك والضحايا ، قاله الجمهور ؛ ولم يكن في ذلك الوقت جهاد فأمر