يريد : لتهدأ ، التاء لتأنيث الصفة ، كتبت تاء على لفظها في الوصل. (كَالْأَعْلامِ) : أي كالجبال والآكام ، وهذا يدل على كبر السفن حيث شبهها بالجبال ، وإن كانت المنشآت تنطلق على السفينة الكبيرة والصغيرة. وعبر بمن في قوله : (كُلُّ مَنْ عَلَيْها) تغليبا لمن يعقل ، والضمير في (عَلَيْها) قليل عائد على الأرض في قوله : (وَالْأَرْضَ وَضَعَها لِلْأَنامِ) ، فعاد الضمير عليها ، وإن كان بعد لفظها. والفناء عبارة عن إعدام جميع الموجودات من حيوان وغيره ، والوجه يعبر به عن حقيقة الشيء ، والجارجة منتفية عن الله تعالى ، ونحو : كل شيء هالك إلا وجهه. وتقول صعاليك مكة : أين وجه عربي كريم يجود عليّ؟ وقرأ الجمهور : ذو بالواو ، وصفة للوجه ؛ وأبي وعبد الله : ذي بالياء ، صفة للرب. والظاهر أن الخطاب في قوله : (وَجْهُ رَبِّكَ) للرسول ، وفيه تشريف عظيم له صلىاللهعليهوسلم. وقيل : الخطاب لكل سامع. ومعنى (ذُو الْجَلالِ) : الذي يجله الموحدون عن التشبيه بخلقه وعن أفعالهم ، أو الذي يتعجب من جلاله ، أو الذي عنده الجلال والإكرام للمخلصين من عباده.
(يَسْئَلُهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) : أي حوائجهم ، وهو ما يتعلق بمن في السموات من أمر الدين وما استعبدوا به ، ومن في الأرض من أمر دينهم ودنياهم. وقال أبو صالح : من في السموات : الرحمة ، ومن في الأرض : المغفرة والرزق. وقال ابن جريج : الملائكة الرزق لأهل الأرض والمغفرة ، وأهل الأرض يسألونهما جميعا. والظاهر أن قوله : يسأله استئناف إخبار. وقيل : حال من الوجه ، والعامل فيه يبقى ، أي هو دائم في هذه الحال. انتهى ، وفيه بعد. ومن لا يسأل ، فحاله تقتضي السؤال ، فيصح إسناد السؤال إلى الجميع باعتبار القدر المشترك ، وهو الافتقار إليه تعالى.
(كُلَّ يَوْمٍ) : أي كل ساعة ولحظة ، وذكر اليوم لأن الساعات واللحظات في ضمنه. (هُوَ فِي شَأْنٍ) ، قال ابن عباس : في شأن يمضيه من الخلق والرزق والإحياء والإماتة. وقال عبيد بن عمير : يجيب داعيا ، ويفك عانيا ، ويتوب على قوم ، ويغفر لقوم. وقال سويد بن غفلة : يعتق رقابا ، ويعطي رغاما ويقحم عقابا. وقال ابن عيينة : الدهر عند الله يومان ، أحدهما اليوم الذي هو مدة الدنيا ، فشأنه فيه الأمر والنهي والإماتة والإحياء ؛ والثاني الذي هو يوم القيامة ، فشأنه فيه الجزاء والحساب. وعن مقاتل : نزلت في اليهود ، فقالوا : إن الله لا يقضي يوم السبت شيئا. وقال الحسين بن الفضل ، وقد سأله عبد الله بن طاهر عن قوله : (كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ) : وقد صح أن القلم جف بما هو كائن إلى يوم القيامة فقال :