الْخِيامِ ، فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ ، لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ ، فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ ، مُتَّكِئِينَ عَلى رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسانٍ ، فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ ، تَبارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ).
قال ابن عباس : تجتنيه قائما وقاعدا ومضطجعا ، لا يرد يده بعد ولا شوك وقرأ عيسى : بفتح الجيم وكسر النون ، كأنه أمال النون ، وإن كانت الألف قد حذفت في اللفظ ، كما أمال أبو عمرو (حَتَّى نَرَى اللهَ) (١). وقرىء : وجنى بكسر الجيم. والضمير في (فِيهِنَ) عائد على الجنان الدال عليهن جنتان ، إذ كل فرد فرد له جنتان ، فصح أنها جنان كثيرة ، وإن كان الجنتان أريد بهما حقيقة التثنية ، وأن لكل جنس من الجن والإنس جنة واحدة ، فالضمير يعود على ما اشتملت عليه الجنة من المجالس والقصور والمنازل. وقيل : يعود على الفرش ، أي فيهن معدات للاستماع ، وهو قول حسن قريب المأخذ. وقال الزمخشري : فيهن في هذه الآلاء المعدودة من الجنتين والعينين والفاكهة والجنى. انتهى ، وفيه بعد. وقال الفراء : كل موضع من الجنة جنة ، فلذلك قال : (فِيهِنَ) ، والطرف أصله مصدر ، فلذلك وحد. والظاهر أنهن اللواتي يقصرون أعينهن على أزواجهن ، فلا ينظرن إلى غيرهم. قال ابن زيد : تقول لزوجها : وعزة ربي ما أرى في الجنة أحسن منك. وقيل : الطرف طرف غيرهن ، أي قصرن عيني من ينظر إليهن عن النظر إلى غيرهن.
(لَمْ يَطْمِثْهُنَ) ، قال ابن عباس : لم يفتضهن قبل أزواجهن. وقيل : لم يطأهن على أي وجه. كان الوطء من افتضاض أو غيره ، وهو قول عكرمة. والضمير في (قَبْلَهُمْ) عائد على من عاد عليه الضمير في (مُتَّكِئِينَ). وقرأ الجمهور : بكسر ميم يطمثهن في الموضعين ؛ وطلحة وعيسى وأصحاب عبد الله وعليّ : بالضم. وقرأ ناس : بضم الأول وكسر الثاني ، وناس بالعكس ، وناس بالتخيير ، والجحدري : بفتح الميم فيهما ، ونفي وطئهن عن الإنس ظاهر وأما عن الجن ، فقال مجاهد والحسن : قد تجامع نساء البشر مع أزواجهن ، إذ لم يذكر الزوج الله تعالى ، فنفى هنا جميع المجامعين. وقال ضمرة بن حبيب : الجن في الجنة لهم قاصرات الطرف من الجن نوعهم ، فنفي الافتضاض عن البشريات والجنيات. قال قتادة : (كَأَنَّهُنَ) على صفاء الياقوت وحمرة المرجان ، لو أدخلت في الياقوت سلكا ، ثم نظرت إليه ، لرأيته من ورائه. انتهى. وفي الترمذي : أن المرأة من نساء الجنة ليرى بياض ساقها من وراء سبعين حلة مخها. وقال ابن عطية :
__________________
(١) سورة البقرة : ٢ / ٥٥.