(فَأَمَّا إِنْ كانَ) : أي المتوفى ، (مِنَ الْمُقَرَّبِينَ) : وهم السابقون. وقرأ الجمهور ؛ (فَرَوْحٌ) ، بفتح الراء ؛ وعائشة ، عن النبي صلىاللهعليهوسلم ، وابن عباس ، والحسن ، وقتادة ، ونوح القارئ ، والضحاك ، والأشهب ، وشعيب بن الحبحاب ، وسليمان التيمي ، والربيع بن خيثم ، ومحمد بن عليّ ، وأبو عمران الجوني ، والكلبي ، وفياض ، وعبيد ، وعبد الوارث عن أبي عمرو ، ويعقوب بن صيان ، وزيد ، ورويس عنه : بضمها. قال الحسن : الروح : الرحمة ، لأنها كالحياة للمرحوم. وقال أيضا : روحه تخرج في ريحان. وقيل : الروح : البقاء ، أي فهذان له معا ، وهو الخلود مع الرزق. وقال مجاهد : الريحان : الرزق. وقال الضحاك : الاستراحة. وقال أبو العالية وقتادة والحسن أيضا : الريحان ، هذا الشجر المعروف في الدنيا ، يلقى المقرب ريحانا من الجنة. وقال الخليل : هو ظرف كل بقلة طيبة فيها أوائل النور. وقال صلىاللهعليهوسلم ، في الحسن والحسين ، رضي الله تعالى عنهما : «هما ريحانتاي من الدنيا».
وقال ابن عطية : الريحان : مما تنبسط به النفوس ، (فَرَوْحٌ) : فسلام ، فنزل الفاء جواب أما تقدم. أما وهي في تقدير الشرط ، وإن كان من المقربين ، وإن كان من أصحاب اليمين ، وإن كان من المكذبين الضالين شرط ؛ وإذا اجتمع شرطان ، كان الجواب للسابق منهما. وجواب الثاني محذوف ، ولذلك كان فعل الشرط ماضي اللفظ ، أو مصحوبا بلم ، وأغنى عنه جواب أما ، هذا مذهب سيبويه. وذهب أبو عليّ الفارسي إلى أن الفاء جواب إن ، وجواب أما محذوف ، وله قول موافق لمذهب سيبويه. وذهب الأخفش إلى أن الفاء جواب لأمّا ، والشرط معا ، وقد أبطلنا هذين المذهبين في كتابنا المسمى بالتذييل والتكميل في شرح التسهيل ، والخطاب في ذلك للرسول صلىاللهعليهوسلم ، أي لا ترى فيهم يا محمد إلا السلامة من العذاب. ثم لكل معتبر من أمّته صلىاللهعليهوسلم قيل لمن يخاطبه : (مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ). فقال الطبري : المعنى : فسلام لك أنت من أصحاب اليمين. وقال قوم : المعنى : فيقال لهم : مسلم لك إنك من أصحاب اليمين. وقيل : فسلام لك يا صاحب اليمين من إخوانك أصحاب اليمين ، أي يسلمون عليك ، كقوله : (إِلَّا قِيلاً سَلاماً سَلاماً). والمكذبون الضالون هم أصحاب المشأمة ، أصحاب الشمال. وقرأ الجمهور : وتصلية رفعا ، عطفا على (فَنُزُلٌ) ؛ وأحمد بن موسى والمنقري واللؤلؤي عن أبي عمرو : بجر التاء عطفا على (مِنْ حَمِيمٍ). ولما انقضى الإخبار بتقسيم أحوالهم وما آل إليه كل قسم منهم ، أكد ذلك بقوله : (إِنَّ هذا) : أي إن هذا الخبر المذكور في هذه السورة (لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ) ، فقيل :