تمكّن قريشا من أذنك فتبول فيها ، لا يكون إلّا الوقاف ، ثم الثقاف ، ثم الانصراف.
[قال ابن عساكر :](١) يريد المناجزة بالسيوف.
أخبرنا أبو غالب الماوردي ، أنا أبو الحسن السيرافي ، أنا أحمد بن إسحاق بن خربان ، نا أحمد بن عمران ، نا موسى ، نا خليفة (٢) ، نا وهب بن جرير ، حدّثني جويرية بن أسماء قال :
سمعت أشياخا من أهل المدينة قالوا : سار مسلم بن عقبة بالناس وهو ثقيل بالموت نحو مكة ، حتى إذا صدر عن الأبواء (٣) هلك ، فلما عرف الموت دعا حصين بن نمير الكندي ، فقال : قد دعوتك وما أدري أستخلفك على الجيش أو أقدّمك فأضرب عنقك؟! فقال : أصلحك الله ، اجعلني سهما فارم بي حيث شئت.
قال : إنك أعرابي ، جلف جاف ، وإنّ هذا الحي من قريش لم يمكنهم رجل قط من أذنيه إلّا غلبوه على رأيه ، فسر بهذا الجيش ، فإذا لقيت القوم ، فإيّاك أن تمكّنهم من أذنيك ، لا يكون إلّا الوقاف ، ثم الثقاف ، ثم الانصراف ، فمضى حصين بجيشه ذلك ، فلم يزل [جيشه](٤) محاصرا أهل مكة حتى هلك يزيد بن معاوية ، فبلغ ابن الزبير وفاة يزيد قبل أن تبلغ حصينا ، فناداهم ابن الزبير ـ وقد غدوا للقتال (٥) ـ قد مات صاحبكم (٦) ، قالوا : نقاتل لخليفته ، قالوا : قد هلك خليفته (٧) الذي استخلف ، قالوا : فنقاتل لمن استخلف بعده ، قالوا : فإنه لم يعهد إلى أحد ، فقال حصين : إن يك ما تقول حقا ، فما أسرع الخبر.
أخبرنا أبو الحسين بن الفرّاء ، وأبو غالب ، وأبو عبد الله ابنا البنّا ، قالوا : أنا أبو جعفر المعدّل ، أنا أبو طاهر محمّد بن عبد الرّحمن ، أنا أحمد بن سليمان ، نا الزبير بن [بكار](٨) قال :
__________________
(١) زيادة منا.
(٢) تاريخ خليفة بن خيّاط ص ٢٥٤ ـ ٢٥٥ (ت. العمري).
(٣) الأبواء : قرية من أعمال الفرع من المدينة ، بينها وبين الجحفة مما يلي المدينة ثلاثة وعشرون ميلا (معجم البلدان).
(٤) زيادة عن تاريخ خليفة.
(٥) في تاريخ خليفة : «علام تقاتلون؟» بدل : «وقد غدوا للقتال».
(٦) قال الواقدي : قدم مكة لأربع بقين من المحرم ، فحاصر ابن الزبير أربعة وستين يوما حتى جاءهم نعي يزيد بن معاوية لهلال ربيع الآخر (تاريخ الطبري ٥ / ٤٩٨).
(٧) يعني معاوية بن يزيد بن معاوية.
(٨) زيادة منا للإيضاح ، وفي م ، و «ز» ، ود : «نا الزبير قال ..».