بين قطيعة أبيه وقطيعة زياد بن عمرو يمنع هاتين من كثر الماء ، وكان يدفن أكرة هاتين القطيعتين وسائر نهر معقل موتاهم في هذا الجبل ، وهو لبني مسمع جميعا.
قال : وحدّثني عمي عبد الله بن شيبان ، عن عمه عامر بن عبد الملك ، وشهاب بن عبد الملك ، قال :
لما هزم أبو فديك الحروري أمية بن عبد الله بن خالد بن أسيد من البحرين دعا خالد ابن عبد الله مسمع بن مالك ، فقال له : يا أبا سيّار ، إنّي لا أعرف أحدا أحقّ بالشخوص منك في أمر أمية ، قد هزم من البحرين ، وقد وجد عليه أمير المؤمنين موجدة شديدة ، وهو صهرك ، ومن لا يكل أمره إلى أحد أحقّ بالقيام فيه منك ، وأعرف حالك عند أمير المؤمنين عبد الملك وما يلزمه نفسه لكم (١) أهل البيت ، فأنا أحب أن تشخص إليه إلى الشام ، فتسأله الرضا عنه ، وأن يعيده إلى حاله ومرتبته.
فشخص مسمع بن مالك إلى عبد الملك ، فدخل عليه ، فأكرمه وسأله حاجته ، فقال : جئتك يا أمير المؤمنين في أمر أمية بن عبد الله أن ترضى عنه ، وتهب لي سخطك عليه ، فإنه من كهول قريش ، إن كان أخطأ فأنت أحقّ من غفر له ، فقال له عبد الملك : كيف أعيده وقد تكلّمت بعزله على المنبر واستعمال عمر بن عبيد الله بن معمر ، ولكن أعوّضه لكلامك ما هو خير له من ولايته ، قال : فولّاه سجستان ، قال : قد قبلت ذلك ، وكتب لمسمع إلى خالد بن عبد الله أن يعطيه مائة ألف درهم ، فجعلها خالد مائة ألف وألف (٢) ، وكانت عمرة عند أمية ابن عبد الله فمن أجل ذلك قال له : إنّك أحقّ من شخص في أمور هذا.
قال : وزعم يوسف النحوي قال : خشي الحجّاج بن يوسف أن يولي مسمع بن مالك العراق ، فافتعل كتابا على سجستان وكرمان على لسان عبد الملك ، ثم بعث به إلى مسمع فقبله ، فبلغ عبد الملك قبوله ، فضرب بيده على جبهته واسترجع وقال : أرضي مسمع أن يكون من تحت يد الحجّاج على سجستان وكرمان؟ قال خلف بن يونس : إن كنت لاستصغر له العراق.
أخبرنا أبو غالب الماوردي ، أنا أبو الحسن السيرافي ، أنا أحمد بن إسحاق ، نا أحمد بن
__________________
(١) استدركت عن هامش الأصل.
(٢) كذا بالأصل ، وفي «ز» ، ود ، وم : واف.