واستخلف القباع الحارث بن عبد الله المخزومي ، ثم رجع مصعب ، فلم يزل بها حتى قتل.
وسار مصعب يريد الشام ، وسار عبد الملك يريد العراق ، فأتى مصعب باجميرى (١) أقصى عمل العراق ، وأتى عبد الملك بطنان حبيب (٢) أقصى عمل الشام إلى العراق ، وهجم عليهما الشتاء ، فرجعا ، وكذلك كانا يفعلان في كلّ عام حتى قتل مصعب وفي ذلك يقول :
أبيت يا مصعب إلّا سيرا |
|
في كلّ عام لك باجميرى؟ (٣) |
قال : فحدّثني الوليد بن هشام ، حدّثني أبي عن جدي قال : ولّى عبد الله بن الزبير أخاه مصعبا العراق خمس سنين ، فولي نحوا من سنة ثم عزله وولّى ابنه حمزة ، فعزل حمزة وأعاد مصعبا سنة تسع وستين.
أخبرنا أبو الحسين بن الفرّاء ، وأبو غالب ، وأبو عبد الله ابنا البنّا ، قالوا : أنا أبو جعفر ابن المسلمة ، أنا أبو طاهر المخلّص ، أنا أحمد بن سليمان ، نا الزبير بن بكّار ، قال :
وحدّثني محمّد بن حسن عن إبراهيم بن محمّد بن عبد العزيز الزهري عن أبيه عن جده قال :
ما رأيت الملك بأحد قط أليط (٤) منه بمصعب بن الزبير (٥) ، وما كانت سكينة بنت الحسين تسميه إلّا الأمير حتى ماتت.
قال : ونا الزبير ، حدّثني محمّد بن فضالة ، عن صالح بن كيسان ، وعن عبد الله بن أبي بكر بن محمّد بن عمرو بن حزم قالا :
قدم وفد من أهل العراق على عبد الله بن الزبير ، فأتوه في المسجد الحرام ، فسلّموا عليه ، فسألهم عن مصعب بن الزبير وعن سيرته فيهم ، فقالوا : أحسن الناس سيرة ، وأقضاهم بحقّ ، وأعدلهم في حكم ، وذلك يوم الجمعة ، فلمّا صلّى عبد الله بن الزبير بالناس الجمعة صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ، وصلّى على نبيّه ثم تمثّل :
__________________
(١) بالأصل : «بأجسرا» وفي م ، و «ز» ، ود : «باجبيرا» والمثبت عن معجم البلدان ، وهو موضع دون تكريت.
(٢) بطنان حبيب : بقنسرين ، نسب إلى حبيب بن مسلمة الفهري. وقال ابن السكيت : بأرض الشام (معجم البلدان).
(٣) الثاني في معجم البلدان (باجميري) ونسبه إلى أبي الجهم الكناني ، ومعه آخر : تغزو بنا ولا تفيد خيرا.
وبالأصل ود ، وم ، و «ز» : باجبيرا ، وكتب فوقها في «ز» : باجميري.
(٤) فوقها ضبة في «ز».
(٥) إلى هنا عن الزهري في تاريخ الإسلام (ترجمته) ص ٥٢٦.