ابن حمزة (١) ، عن جدي عبد الله بن مصعب عن أبيه قال :
لما تفرّق عن مصعب جنده قال له أودّاؤه : لو اعتصمت ببعض القلاع ، وكاتبت من قد بعد عنك من أوليائك كمثل المهلّب ، والأشتر ، وفلان ، وفلان ، فإذا اجتمع لك من ترضاه لقيت القوم بأكفائهم ، فقد ضعفت جدا واختلّ أصحابك ، فلبس سلاحه وخرج فيمن بقي من أصحابه وهو يتمثل بشعر ، قيل إنه لطريف العنبري ، وكان طريف يعد بألف فارس من فرسان خراسان :
علام تقول السيف يثقل عاتقي |
|
إذا أنا لم أركب به المركب الصّعبا |
سأحميكم حتى أموت ومن يمت |
|
كريما فلا لوم عليه ولا عتبا |
قال القاضي (٢) في هذا الخبر : إنه قيل لمصعب : لو اعتصمت ببعض القلاع ، وهي جمع قلعة ، وهذا صحيح في القياس ، ومثله في قياس العربية رقبة ورقاب ، وعقبة وعقاب ، في أحرف كثيرة ، وقد جاء مثله في الأخبار عن السلف الذين كلامهم حجة في اللغة لسبقهم اللحن ، وزعم ابن الأعرابي : أن القلعة لا تجمع قلاعا ، والذي قاله خطأ من جهة السماع والقياس معا ، وقد حكى القلاع في جمع قلعة عدد من علماء اللغويين منهم أبو زيد وغيره.
أخبرنا أبو القاسم بن السّمرقندي ، أنا أبو بكر بن الطبري ، أنا أبو الحسين بن الفضل ، أنا عبد الله بن جعفر ، نا يعقوب بن سفيان (٣) ، نا سليمان بن حرب ، حدّثني غسّان بن مضر ، عن سعيد بن يزيد قال :
سار عبد الملك إلى مصعب ، وسار مصعب حتى نزل الكوفة فقال إبراهيم بن الأشتر لمصعب : ابعث إلى ابن زياد بن عمرو ومالك بن مسمع ووجوه من وجوه البصرة ، فاضرب أعناقهم ، فإنهم قد أجمعوا على أن يغدروا بك ، فأبى ، قال : فقال إبراهيم : فإنّي أخرج الآن في الخيل ، فإذا قتلت فأنت أعلم فقاتل حتى قتل ، فلمّا التقى المصعب ، وعبد الملك قلب القوم ترستهم ولحقوا بعبد الملك.
قال : فقتل المصعب وقتل معه ابنه عيسى بن مصعب ، وإبراهيم بن الأشتر ، وخرج مسلم بن عمرو الباهلي فقال : احملوني إلى خالد بن يزيد ، فحمل إليه ، فاستأمن له ، ووثب
__________________
(١) في الجليس الصالح : إبراهيم بن محمد بن حمزة.
(٢) يعني المعافى بن زكريا الجريري ، صاحب كتاب الجليس الصالح الكافي.
(٣) ليس في كتاب المعرفة والتاريخ الذي بين يدي.