عبيد الله بن زياد بن ظبيان على مصعب فقتله عند دير الجاثليق على شاطئ نهر يقال له دجيل من أرض مسكن ، واحتز رأسه ، فذهب به إلى عبد الملك ، فسجد عبد الملك لما أتي برأسه ، وكان عبيد الله بن زياد بن ظبيان فاتكا رديئا فكان يتلهف ويقول : كيف لم أقتل عبد الملك يومئذ حين سجد فأكون قد قتلت ملكي العرب ، فقال عبد الملك لحاجبه : أقص هذا الأعرابي عني وأخّر إذنه ما استطعت ، فكان يفعل به ذلك.
فجاء يوما ، فأذن الحاجب للناس وحبسه ، حتى أخذ الناس مجالسهم ، ثم أنزله ، فدخل والناس حول سرير عبد الملك ، فمضى حتى جلس مع عبد الملك على السرير ، فغضب عبد الملك ، فأقبل عليه فقال : يا بن ظبيان ، لقد بلغني (١) أنك لا تشبه أباك ، فقال : والله لأنا أشبه به من الغراب بالغراب والقذّة بالقذّة ، والماء بالماء ، والتمرة بالتمرة ، ولكن إن شئت يا أمير المؤمنين أخبرتك بمن لم تنضجه الأرحام ، ولم يولد لتمام ، ولم يشبه الأخوال والأعمام ، قال : ومن ذاك ويحك؟ قال : سويد بن منجوف ابن ثور (٢) الذهبي (٣) ، وهو قد يجالس معه ، فقال عبد الملك : أكذاك يا سويد؟ قال سويد : إن ذلك ليقال ، وكان عبد الملك ولد لسبعة أشهر.
فلمّا خرجا قال ابن ظبيان : ما أحبّ أن لي بفطنتك حمر النعم ، قال سويد : وأنا والله ما يسرني أنّ لي بما قلت حمر النعم وسودها.
وسار عبد الملك من فوره حتى دخل الكوفة ، وعمرو بن حريث يسير بين يديه.
أخبرنا أبو غالب الماوردي ، أنا أبو الحسن السيرافي ، أنا أحمد بن إسحاق ، نا أحمد ابن عمران ، نا موسى ، نا خليفة قال (٤) :
سنة ثنتين وسبعين فيها سار مصعب بن الزبير كما كان يسير إلى الشام ، وسار عبد الملك بن مروان وهو العام الذي قتل فيه مصعب ، فحدّثني سليمان بن حرب ، حدّثني غسان ابن مضر ، حدّثني سعيد بن يزيد قال : قال إبراهيم بن الأشتر ـ يعني ـ لمصعب : إنّي مشير عليك برأي ، اضرب عنق زياد بن عمرو ، ومالك بن مسمع ، وهذه الوجوه ، فإنهم والله
__________________
(١) قوله : «بلغني أنك لا تشبه أباك» مكانه بياض في م و «ز».
(٢) تحرفت في «ز» إلى : «محمد» ومكانها بياض في م.
(٣) كذا بالأصل و «ز» ، وم ، وفي د : «الذهلي» وفي المختصر : «السدوسي».
(٤) الأخبار التالية ليست في تاريخ خليفة بن خيّاط المطبوع الذي بين يدي ، (ت. العمري).