غادرون بك ، قال : لا أكون أحقّ بالغدر منهم ، ولم يحدثوا أحداثا ، قال : ـ فاحبسهم في سجن وضع عليهم الحرس حتى ينصرم ما بينك وبين الرجل ، فإن ظفرت أكرمتهم وحبوتهم ، وإن ظفر عبد الملك لم يضرهم ذلك عنده ، قال مصعب : لا أفعل ، قال : فلما التقوا قلب القوم أترستهم ولحقوا بعبد الملك.
قال خليفة : وقال أبو اليقظان وأبو الحسن وغيرهما : التقوا بدير الجاثليق ، فانقلب زائدة ابن قدامة الثقفي إلى عبد الملك وطعن مصعبا ، قال : يا ثارات المختار ، واجتز عبيد الله بن زياد بن ظبيان من تيم اللات رأسه ، فأتى به عبد الملك وتمثّل :
نعاطي الملوك الحق ما قصدوا لنا |
|
وليس علينا قتلهم بمحرّم |
وقتل مع مصعب ابنه عيسى بن مصعب ، ومسلم بن عمرو بن حصين بن ربيعة الباهلي ، وإبراهيم بن الأشتر النخعي ، وفي ذلك يقول :
نحن قتلنا مصعبا وعيسى |
|
وكم قتلنا ملكا رئيسا |
حتى أذقنا مضرا لبابيسا |
|
وفي الحاشية الترتيسا (١) |
قال خليفة : وأنشدني أبو الحسن وغيره لابن قيس الرقيّات (٢) :
لقد أورث المصرين حزنا (٣) وذلّة |
|
قتيل بدير الجاثليق مقيم |
فما قاتلت (٤) في الله بكر بن وائل |
|
ولا صبرت عند اللقاء تميم |
وكلّ يماني عند مقتل مصعب |
|
غداة دعاهم للوفاء ذميم (٥) |
ولو كان في قيس (٦) تعطّف حوله |
|
كتاب يغلي حميّها وتديم (٧) |
ولكنه ضاع الجواد (٨) فلم يكن |
|
بها مضريّ يوم ذاك كريم |
جزى الله كوفيّا (٩) بذاك ملامة |
|
بفعلهما إنّ المليم مليم |
__________________
(١) كتب على هامش الأصل : «بخط الحافظ ، قال بعض أهل اللغة : ترتست إذا طلبت الشيء طلبا حثيثا في الطرة».
(٢) الأبيات في ديوانه ص ١٩٦ (ط. صادر ـ بيروت) وانظر تخريجها فيه.
(٣) في الديوان : خزيا.
(٤) في الديوان : نصحت.
(٥) ليس البيت في الديوان ، ولا في تاريخ الطبري.
(٦) الديوان والطبري : «بكريا» مكان : في قيس.
(٧) الديوان والطبري : ويدوم.
(٨) الديوان والطبري : الذمام.
(٩) رسمها بالأصل : «مضرينا» ومثله في «ز» ، وم ، ود.