أبيت يا مصعب إلّا سيرا |
|
أكلّ عام لك باجميرى؟ |
وكان إذا اشتد البرد وأرتج الشتاء انصرفوا جميعا معا ، هذا إلى دمشق ، وهذا إلى الكوفة.
وكان ابن الزبير يكتب إلى مصعب في عبد الملك : لا تغفله واغزه قبل أن يغزوك ، فإنك في عين المال والرّجال ، ففرض مصعب الفروض ، وأخذ في التهيئة للخروج ، وقسم أموالا وأخرج العطاء ، وبلغ ذلك عبد الملك ، فجمع جنوده وسار بنفسه يؤم العراق لقتال مصعب ، وقال لروح بن زنباع وهو يتجهز : والله إنّ في أمر هذه الدنيا لعجبا ، لقد رأيتني ومصعب بن الزبير أفقده في الليلة الواحدة من الموضع الذي نجتمع فيه (١) ، فكأني وإياه ، ويفقد لي فيفعل مثل ذلك ، ولقد كنت أوتى باللّطف فما أراه يجوز لي أن أكله حتى أبعث به إليه أو ببعضه (٢) ، وكان يفعل مثل ذلك ، ثم صرنا إلى السيف ، ولكن هذا الملك عقيم ، فلما أجمع مصعب الخروج من الكوفة يريد عبد الملك خرج وقد اصطف له الناس بالكوفة صفّين ، وقد اعتمّ عمّته (٣) وهو مقبل على معرفة دابته ، ثم نظر في وجوه القوم يمينا وشمالا فوقعت عينه على عروة بن المغيرة بن شعبة ، فقال : يا عروة ، قال : لبيك ، قال : ادن ، فدنا ، فسار (٤) معه ، فقال : أخبرني عن حسين بن علي كيف صنع حين نزل به؟ قال : فأنشأت أحدّثه عن صبره وإبائه ما عرض عليه ، وكراهية أن يدخل في طاعة عبيد الله بن زياد حتى قتل ، قال : فضرب بسوطه على معرفة برذونه ثم قال :
إن الألى بالطّفّ من آل هاشم |
|
تأسّوا فسنّوا للكرام التّأسّيا (٥) |
قال : فعرفت والله أنه لن يفر ، وأنه سيصبر حتى يقتل.
قال : والشعر لسليمان بن قنة.
قال : ثم سار عبد الملك وسار مصعب حتى التقيا بمن معهما بمسكن فقال عبد الملك : ويلكم ما أصبهان هذه؟ قيل : سرة العراق ، قال : فقد والله كتب إليّ أكثر من ثلاثين رجلا من أشراف أهل العراق وكلهم يقول : إن خبّبت (٦) بمصعب فلي أصبهان ، قال : فكتبت
__________________
(١) من هنا إلى ولقد. مكانه بياض في م ، و «ز».
(٢) من قوله : أكله .. إلى هنا ، مكانه بياض في م ، و «ز».
(٣) رسمها غير واضح بالأصل وم ، و «ز» ، ود.
(٤) قوله : «فدنا ، فسار» مكانه بياض في «ز» ، وم.
(٥) البيت في تاريخ الطبري ٦ / ١٥٦ واللسان (أمى) بدون نسبة.
(٦) كلمة غير واضحة بالأصل وم ، و «ز» ، ود وصورتها : «حسب» والمثبت عن تاريخ الإسلام (٦١ ـ ٨٠) ص ٣٠٦.