إليهم جميعا : أن نعم ، فلما التقوا قال مصعب لربيعة : تقدموا للقتال ، فقال : هذه عذرة (١) بين أيدينا (٢) فقال : ما تأتون أنتن من العذرة (٣) ـ يعني ـ تخلفهم عن القتال ، وقد كانت ربيعة قبل ذلك مجمعة على خذلانه ، فأظهرت ذلك ، فخذله الناس ، ولم يتقدم أحد يقاتل دونه ، فلمّا رأى مصعب ما صنع الناس وخذلانهم إيّاه قال : المرء ميت على كل حال ، فو الله لأن يموت كريما أحسن به من أن يصرع إلى من قد وتره ، لا أستعين بربيعة أبدا ، ولا بأحد من أهل العراق ، ما وجدنا لهم وفاء ، انطلق يا بنيّ ـ لابنه عيسى ، وهو معه ـ فاركب إلى عمك بمكة فأخبره بما صنع أهل العراق ، ودعني فإنّي مقتول ، فقال له ابنه : والله لا أخبر نساء قريش بصرعتك أبدا ، قال : فإن أردت أن تقاتل فتقدّم فقاتل [حتى أحتسبك ، فدنا ابنه عيسى فقاتل حتى قتل.
وتقدم إبراهيم بن الأشتر فقاتل (٤)] قتالا شديدا حتى أخذته الرماح من كل ناحية ، وكثرة القوم فقتل ، ومصعب جالس على سريره ، فأقبل إليه نفر ليقتلوه ، فقاتلهم أشد القتال حتى قتل (٥) ، وجاء عبيد الله بن ظبيان فاحتز رأسه فأتى به عبد الملك بن مروان ، فأعطاه ألف دينار ، فأبى أن يأخذها (٦) ، وكان مصعب قتل على نهر يقال له دجيل عند دير الجاثليق ، فأمر به عبد الملك ، وبابنه عيسى ، فدفنا ثم سار عبد الملك حتى نزل النّخيلة (٧) ، ودعا أهل العراق إلى البيعة ، فبايعوه ، واستخلف على الكوفة بشر بن مروان أخاه ، ثم رجع إلى الشام.
أخبرنا أبو الحسن المالكي ، نا ـ وأبو منصور بن خيرون ، أنا ـ أبو بكر الخطيب (٨) ، أنا ابن الفضل ، أنا عبد الله بن جعفر بن درستويه ، نا يعقوب بن سفيان ، نا سليمان بن حرب ، حدّثني غسّان بن مضر ، عن سعيد بن يزيد قال :
__________________
(١) كذا رسمها بالأصل والنسخ : «محروه» والمثبت عن تاريخ الإسلام وتاريخ الطبري.
(٢) «بين أيدينا» عن د ، وتاريخ الإسلام ، وفي الأصل وم و «ز» : بين الدنيا.
(٣) بالأصل والنسخ : «أبين من المحدوة» والمثبت عن تاريخ الإسلام.
(٤) ما بين معكوفتين استدرك على هامش الأصل ، وبعده صح.
(٥) قتله زائدة بن قدامة ، كما في رواية الطبري ٦ / ١٥٩.
(٦) قال عبيد الله بن زياد بن ظبيان إن المصعب قتل أخاه النابي بن زياد ، وأنه قتله بأخيه ، ولم يقتل على طاعته عبد الملك إنما كان على وتر صنعه به. الطبري ٦ / ١٥٩.
(٧) النخيلة : موضع قرب الكوفة على سمت الشام (معجم البلدان).
(٨) رواه أبو بكر الخطيب في تاريخ بغداد ١٣ / ١٠٧ ـ ١٠٨.