سليمان ، نا محمّد بن عبيد ، نا العلاء بن راشد ، عن زيد بن عبيد أبي حاتم قال : مرّ بنا علي ابن أبي طالب ، وهو يدعو الله على مصقلة بن هبيرة ، وقد هدم داره.
قرأت على أبي الوفاء حفاظ بن الحسن بن الحسين ، عن عبد العزيز بن أحمد ، أنا عبد الوهّاب الميداني ، أنا أبو سليمان بن زبر ، أنا عبد الله بن أحمد بن جعفر ، نا أبو جعفر الطبري قال (١) : ذكر هشام بن محمّد عن أبي مخنف ، حدّثني الحارث بن كعب ، عن عبد الله ابن فقيم قال :
ثم إنه ـ يعني ـ معقل بن قيس أقبل بهم ـ يعني ـ نصارى بني ناجية حتى مرّ بهم على مصقلة بن هبيرة الشيباني ، وهو عامل [عليّ](٢) على أردشيرخرّه ، وهم (٣) خمس مائة إنسان ، فبكى النساء والصبيان ، وصاح الرجال : يا أبا الفضل ، يا حامي الرجال ، ومأوى المعصب (٤) ، وفكاك العناة ، امنن علينا ، واشترنا فأعتقنا ، فقال مصقلة : أقسم بالله لأتصدّقنّ عليكم ، إنّ الله يجزي المتصدقين ، فبلّغنا عنه عليّ ، فقال : والله لو لا أنّي أعلمه قالها توجعا لهم لضربت عنقه ، ولو كان في ذلك تفاني تميم وبكر بن وائل ، ثم إنّ مصقلة بعث ذهل بن الحارث الذّهلي إلى معقل بن قيس ، فقال له : بعني بني ناجية ، فقال : نعم ، أبيعكهم بألف ألف ، فأبى عليه ، فلم يزل يراوضه حتى باعهم بخمس مائة ألف (٥) ، ودفعهم إليه ، وقال له : عجّل بالمال إلى أمير المؤمنين ، فقال له : أنا باعت الآن بصدر ثم أبعث بصدر آخر ، ثم كذلك حتى لا يبقى منه شيء إن شاء الله ، وأقبل معقل بن قيس إلى أمير المؤمنين ، فأخبره بما كان منه ، فقال له : أحسنت وأصبت.
وانتظر عليّ مصقلة أن يبعث إليه بالمال ، فأبطأ به ، وبلغ عليا أنّ مصقلة خلّى سبيل الأسارى ، ولم يسألهم أن يعينوه في فكاك أنفسهم بشيء ، فقال علي : ما أظن مصقلة إلّا وقد يحمل حمالة ، لا أراكم إلّا سترونه عن قريب منها ملبّدا ، ثم إنه كتب إليه :
أما بعد ، فإنّ من أعظم الخيانة خيانة الأمة ، وأعظم الغش على [أهل](٦) المصر غش الإمام ، وعندك من حقّ المسلمين خمس مائة ألف ، فابعث بها إليّ ساعة يأتيك رسولي وإلّا
__________________
(١) الخبر رواه الطبري في تاريخه ٥ / ١٢٨ ـ ١٣١.
(٢) زيادة لازمة عن تاريخ الطبري.
(٣) تحرفت بالأصل إلى : «وهو» والمثبت عن «ز» ، ود ، وم ، والطبري.
(٤) قوله : «ومأوى المعصب» سقط من الطبري.
(٥) من قوله : فأبى عليه ... إلى هنا سقط من تاريخ الطبري.
(٦) زيادة للإيضاح عن تاريخ الطبري.