الحافظ يذكر أن مسلم بن الحجّاج ـ رحمهالله ـ كان يظهر القول باللفظ ولا يكتمه.
أخبرنا أبو الحسن بن قبيس ، وأبو منصور بن خيرون ، قالا : قال لنا أبو بكر الخطيب (١) :
وكان مسلم أيضا يناضل عن البخاري حتى أوحش ما بينه وبين محمّد بن يحيى الذهلي بسببه (٢) ، فأخبرني محمّد بن علي المقرئ ، أنا محمّد بن عبد الله النيسابوري قال : سمعت أبا عبد الله محمّد بن يعقوب الحافظ يقول : لما استوطن محمّد بن إسماعيل البخاري نيسابور أكثر مسلم بن الحجّاج الاختلاف إليه ، فلمّا وقع بين محمّد بن يحيى والبخاري ما وقع في مسألة اللفظ ونادى عليه ، ومنع الناس عن الاختلاف إليه حتى هجر ، وخرج من نيسابور في تلك المحنة ، قطعه أكثر الناس غير مسلم ، فإنه لم يتخلف عن زيارته ، فأنهي إلى محمّد بن يحيى أنّ مسلم بن الحجّاج على مذهبه قديما وحديثا ، وأنه عوتب على ذلك بالعراق والحجاز ، ولم يرجع عنه ، فلمّا كان في يوم مجلس محمّد بن يحيى قال في آخر مجلسه : ألا من قال باللفظ فلا يحلّ له أن يحضر مجلسنا ، فأخذ مسلم الرداء فوق عمامته ، وقام على رءوس الناس ، وخرج من مجلسه ، وجمع كلّ ما كان كتب منه ، وبعث به على ظهر حمّال إلى باب محمّد بن يحيى ، فاستحكمت تلك الوحشة ، وتخلّف عن (٣) زيارته ، وقال محمّد بن عبد الله النيسابوري : سمعت أبا عبد الله محمّد بن يعقوب يقول : سمعت أحمد بن سلمة يقول : عقد لأبي الحسين مسلم بن الحجّاج مجلس للمذاكرة ، فذكر له حديث لم يعرفه فانصرف إلى منزله وأوقد السراج ؛ وقال لمن في الدار : لا يدخلن أحد منكم هذا البيت ، فقيل له : أهديت لنا سلة فيها تمر ، فقال : فقدّموها إليّ ، فقدّموها إليه ، فكان يطلب الحديث ويأخذ تمرة تمرة يمضغها ، فأصبح وقد فنى التمر ، ووجد الحديث ، قال محمّد بن عبد الله : زادني الثقة من أصحابنا أنه منها مات.
أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن الحسن ، أنا هنّاد بن إبراهيم بن محمّد ، أنا محمّد ابن أحمد بن محمّد ، أنا محمّد بن عبد الله بن زكريا قال : قال مكي بن عبدان : توفي مسلم ابن الحجّاج في سنة إحدى وستين ومائتين.
__________________
(١) رواه أبو بكر الخطيب في تاريخ بغداد ١٣ / ١٠٣.
(٢) رسمها بالأصل : «سسه» والمثبت عن د ، و «ز» ، وم ، وتاريخ بغداد.
(٣) في تاريخ بغداد : وتخلف عنه وعن زيارته.