خان النبطية ، وأن يوصد عليهم بابه ، وأن لا يشترك منها أحد في هجوم يتولاه علي الفارس بفرسانه على حين غرة من العدو ليوقع فيهم الفشل وتتولى بعد ذلك الرجالة مناجزة قتالهم لتشغلهم. إلى أن تأتيهم النجدة ، فكان بهذا التدبير ما أراده ، فإن الأمير يوسف لم يلو أن فر وقد رأى فرسان علي الفارس محدقة بمضربه فتبعه جيشه منهزما حتى بلغ كفر رمان فتحصن بزيتونها الكثيف ، وحجز الليل بين الجيشين اللذين استعر فيهما القتل ، وجعل فيه الشيخان جيشهما عشر فرق ، كل فرقة منه على هضبة من الهضاب المحدقة بالقرية تضرم نيران الحرب لإيهام العدو في كثرة جيشهما الذي يملأ الفضاء الرحب صدى تهليله وتكبيره إلى صبيحة اليوم التالي الذي اشتبك فيه الجيشان ، فحاول الأمير يوسف الخروج بعساكره عن متاريسه والفرار به ، فما راعه إلا وصول نجدة الشيخ ناصيف عند منتصف النهار ، وهي تبلغ أحد عشر ألفا بين راجل وفارس ، وجموع العدو ظلت متحصنة في متاريسها وفي أشجار الزيتون ، فهاجمتهم جموع المتاولة وأعملت فيهم السيف ، وجاءت نجدة الشيخ ظاهر العمر في عصر ذلك اليوم ، وهي تبلغ خمسة آلاف فارس وراجل ، وانضمت إلى جموع المتاولة ، فزاد القتال استفحالا إلى أن حجز الظلام بينهم ، وأحاطت بهم الفرق على نحو الليلة الأولى ، إلى ضحى اليوم الثالث ، فلما رأوا أن لا قبل لهم بمواصلة القتال ، وقد نهكهم الجوع والعطش ، وأخذ منهم الخوف مأخذه ارتدوا منهزمين مشتتين ، وتبعهم المتاولة وجيش حليفهم ظاهر العمر حتى بلغوا العرقوب على مقربة من الجرمق ونبع المأذنة ، ويقال إن الشيخ ناصيف أدرك الأمير يوسف في العرقوب وكان بينهما قيد رمح فلم يقتله بل ألبسه فروه مقلوبا ، علامة ظفره به وعفوه عنه.
أما القتلى في هذه المعركة فحسبك دليلا على كثرتها أن أربعمائة زوج قتلوا فيها (وفي دواني القطوف ، والمتناقل على ألسنة الشيوخ أنه قتل مائتا