والصورة ، قال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : «أنا أفصح العرب بيد (١) أني من قريش ، ونشأت في بني سعد وارتضعت من بني زهرة» (٢) وكانت هذه القبائل أفصح العرب ، فافتخر صلىاللهعليهوآلهوسلم بالرضاع كما افتخر بالنسب ، وقال أمير المؤمنين عليهالسلام : «انظروا من يرضع أولادكم فإن الولد يشبّ (٣) عليه» ، وقال الباقر عليهالسلام : «عليكم بالوضاء (٤) من الظؤرة (٥) فإن اللبن يعدي» ، وقال عليهالسلام لمحمد بن مروان : «استرضع لولدك بلبن الحسان ، وإياك والقباح فإن اللبن قد يعدي».
(ويجوز استرضاع الذمية عند الضرورة) (٦) من غير كراهة ، ويكره بدونها (٧) ، ويظهر من العبارة كعبارة كثير التحريم من دونها (٨) ، والأخبار دالة على الأول.
______________________________________________________
(١) بفتح الدال ، وهو بمعنى غير فيقال : هو كثير المال بيد أنه بخيل ، ولا يجيء إلا في المنقطع خاصة مضافا إلى أن وصلتها.
(٢) قد أورد بعضه في مجمع البحرين في كتاب الدال ، باب ما أوله الباء.
(٣) من الشباب أي يقوى عليه ، وهو مبني للمجهول ، والمعنى أنه ينشأ ويكبر الولد عليه بحيث ينشأ على ما عليه صاحبة اللبن من الصفات الخلقية والخلقية.
(٤) بالضم والمد.
(٥) جمع ظئر ، كصهر وصهورة ، والظئر هو المرضعة ، والأصل في الظئر العطف ، فيقال ناقة مظئورة إذا عطفت على ولدها ، وسميت المرضعة ظئرا لأنها تعطف على الرضيع.
(٦) يكره استرضاع الكافرة لما سمعت من الأخبار ، ولصحيح محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليهالسلام (لبن اليهودية والنصرانية والمجوسية أحبّ إليّ من ولد الزنا) (١) ، وهو دال على مرجوحية اختيار اليهودية وأختيها.
نعم لو اضطرّ إلى غير المسلمة استرضعت الذمية وانتفت حينئذ الكراهة للضرورة ، ويشهد له خبر عبد الله بن هلال عن أبي عبد الله عليهالسلام (سألته عن مظائرة ، المجوسي ، قال : لا ولكن أهل الكتاب) (٢) ، ونحوه غيره.
(٧) أي بدون الضرورة.
(٨) أي من دون الضرورة ، ووجهه أن مفهوم عبارة الماتن عدم جواز استرضاع الذمية عند عدم الضرورة ، وهو ظاهر في التحريم ، مع أن الأخبار دالة على الكراهة عند عدم الضرورة.
__________________
(١ و ٢) الوسائل الباب ـ ٧٦ ـ من أبواب أحكام الأولاد حديث ٢ و ٣.