الطاهرين ، أي منيعة لم تهدمها دعوته ، وأي فضيلة لم تنلها عترته جعلتهم خير أئمّة أخرجت للناس ، يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ، ويجاهدون في سبيلك. ويتواصلون بدينك ، طهّرتهم بتحريم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهلّ ونسك به لغير الله ، تشهد لهم وملائكتك انّهم باعوك أنفسهم ، وابتذلوا من هيبتك ابدانهم ، شعثة رءوسهم ، تربة وجوههم ، تكاد الأرض من طهارتهم أن تقبضهم إليها ومن فضلهم أن تميد بمن عليها. رفعت شأنهم بتحريم أنجاس المطاعم والمشارب. فأي شرف يا ربّ جعلته في محمّد وعترته فو الله لأقولن قولا لا يطيق أن يقوله أحد من خلقك ، أنا علم الهدى ، وكهف التقى ومحلّ السخاء ، وبحر الندى ، وطود النهى ، ومعدن العلم ، والنور في ظلم الدجى وخير من أمر واتّقى وأكمل من تقمّص وارتدى ، وأفضل من شهد النجوى بعد النبيّ المصطفى ، وما أزكي نفسي ولكن أحدث بنعمة ربّي أنا صاحب القبلتين ، وحامل الرايتين ، فهل يوازي فيّ أحد؟ وأنا أبو السبطين فهل يساوي بي بشر؟ وأنا زوج خير النسوان فهل يفوقني رجل؟ أنا القمر الزاهر بالعلم الذي علّمني ربّي ، والفرات الزاخر ، أشبهت من القمر نوره وبهاءه ومن الفرات بذله وسخاءه ، أيّها الناس بنا أنار الله السبل ، وأقام الميل ، وعبد الله في أرضه ، وتناهت إليه معرفة خلقه ، وقدّس الله جل وتعالى بإبلاغنا الألسن ، وابتهلت بدعوتنا الأذهان ، فتوفى الله محمّدا صلّى الله عليه وآله سعيدا شهيدا ، هاديا مهديا ، قائما بما استكفاه ، حافظا لما استرعاه ، تمم به الدين ، وأوضح به اليقين ، وأقرّت العقول بدلالته وأبانت حجج أنبيائه ، واندمغ الباطل زاهقا ووضح العدل ناطقا ، وعطل مظانّ الشيطان ، وأوضح الحق والبرهان. اللهم فاجعل فواضل صلواتك ونوامي بركاتك ورأفتك ورحمتك على محمّد نبي الرحمة وعلى أهل بيته الطاهرين.