فقال له : أكلت في هذا اليوم حيسا ولك في بيتك عشرون دينارا ؛ منها ثلاثة دنانير دارية.
فقال له الرجل : اشهد انّك الحجّة العظمى والمثل الأعلى وكلمة التقوى.
فقال له : وأنت صديق قد امتحن الله قلبه للإيمان فآمنت.
وروي عن أبي حمزة الثمالي قال : كنت عنده فسمع صوت العصافير فقال : يا أبا حمزة هل تدري ما تقول هذه العصافير؟
قلت : لا.
قال : تقدّس ربّها وتطلب منه قوت يومها.
... الى غير ذلك من دلائله عليه السّلام ، فانها كثيرة وقد بيّنا في آخر بابه بعضها.
فلما قربت أيامه صلّى الله عليه أحضر أبا جعفر ابنه وأوصى إليه ، فحضر جماعة من خواصّه الوصية الظاهرة وسلّم إليه بعد ذلك الاسم الأعظم ومواريث الأنبياء.
وكان فيما قاله من أمر ناقته ان يحسن إليها ويقدم لها العلف ولا تحمل بعده على الكد والسفر وتكون في الحظيرة. وقد كان حجّ عليها عشرين حجّة ما قرعها بخشبة.
ومضى (صلّى الله عليه) في سنة خمس وتسعين من الهجرة ؛ وسنه سبع وخمسون.
ودفن بالبقيع في قبر أبي محمد الحسن بن علي عليه السّلام.
فأقام مع أمير المؤمنين عليه السّلام سنتين وشهورا. وروي عنه أحاديث كثيرة ، وأقام مع أبيه وعمّه عليهما السّلام عشرين سنة ، ومنفردا بالإمامة خمسا وثلاثين سنة وشهورا.
فروي ان الناقة خرجت الى قبره بالبقيع فضربت بجرانها عليه ولم تزل دموعها تجري وتهمل من عينها ، فبعث ابو جعفر عليه السّلام بمن يردّها الى موضعها فعادت. فعلت ذلك ثلاث مرّات ثم أقيمت فلم تقم حتى ماتت. فأمر أبو جعفر عليه السّلام فحفر لها ودفنت.
وروي عن سعيد بن المسيب قال : قحط الناس يمينا وشمالا فمددت عيني فرأيت شخصا أسود على تل قد انفرد ، فقصدت نحوه فرأيته يحرّك شفتيه. فلم يتمّ دعاءه حتى أقبلت غمامة. فلما نظر إليها حمد الله وانصرف. وأدركنا المطر حتى ظنناه الغرق. فاتبعته حتى دخل دار علي بن الحسين عليه السّلام فدخلت إليه فقلت له : يا سيدي في دارك غلام أسود