وروي أنه سمي آدم لأنه خلق من أديم الأرض من عذبها ومالحها ومرّها ومنتنها فجعلت الملوحة في العينين ولو لا ذلك لذابتا وجعلت المرارة في الأذنين ولو لا ذلك لدخلها الهوام وجعل النتن في الانف ليجد الانسان الروايح الطيبة وجعلت العذوبة في الفم ليجد به لذة المطعم والمشرب.
ولما خلق الله تعالى آدم عليه السلام ونفخ فيه الروح وأمر بالسجود له وانما كان السجود لله تبارك وتعالى والطاعة لآدم عليه السّلام وامتنع ابليس حسدا له وطغيانا وقال (خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ *).
وأخطأ إبليس اللعين في القياس لان الطين الذي خلق منه آدم أنور من النار لأن النار من الشجر والشجر من الطين.
ثم قال ابليس : يا رب اعفني من السجود لآدم حتى أعبدك عبادة لم يعبدك بها أحد.
فأوحى الله تعالى : لست أقبل شيئا من عبادتك الا الطاعة لآدم.
فأبى ابليس اللعين ذلك ، فلعنه الله وغضب عليه وأمر الملائكة بإخراجه ثم قال له (وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلى يَوْمِ الدِّينِ قالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ قالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ إِلى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ).
فسئل العالم عن السبب في اجابته الى الإنظار. فقال له : انه لما هبط الى الأرض تحكّم فيها وغيّر وبدل ، فغضب الله عليه فسجد أربعة آلاف سنة سجدة واحدة فجعل الله تلك السجدة سببا للاجابة للنظرة الى قيام صاحب الامر عليه السّلام وهو يوم الوقت المعلوم.
قال : فقال اللعين (فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إِلَّا عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ) فروي أنه لا سلطان لابليس على المؤمنين في اخراجهم من ولاية أمير المؤمنين عليه السّلام الى ولاية الجبت والطاغوت ، وله عليهم سلطان فيما سوى ذلك.
وروي ان رجلا سأل العالم عليه السلام عن قول الله عز وجل (وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُداوِلُها بَيْنَ النَّاسِ) فقال : ما زال مذ خلق الله آدم في كل زمان دولتين دولة لله جل وعز وهي دولة الأنبياء والاوصياء ، ودولة لابليس. فاذا كانت الدولة للانبياء والاوصياء عبد الله نبيّه في الظاهر ، واذا كانت دولة ابليس (لعنه الله) عبد الله في السر.