فما برحت حتى دخل علينا رجل من أهل خراسان فكلّمه الرجل بالعربية فأجابه بالفارسية. قال الخراساني : ما معنى أن أكلّمك بكلامي الا ظننتك لا تحسنه؟
فقال له : سبحان الله إن كنت لا أحسن أن أجيبك فما فضلي عليك.
ثم قال لي : يا أبا محمّد ان الامام لا يخفى عليه كلام أحد من الناس ولا طائر ولا بهيمة ولا شيء فيه روح. فمن لم يكن فيه هذه الخصال فليس هو بإمام.
وروي عن حماد بن عيسى الجهني قال : دخلت على أبي الحسن موسى عليه السّلام فقلت له : جعلت فداك ادع الله أن يرزقني دارا وزوجة وولدا وخادما وأن أحجّ في كلّ سنة.
فرفع يديه ثم قال : اللهم صلّ على محمّد وارزقه دارا وزوجة وولدا وخادما والحج خمسين سنة.
ثم قال حمّاد : فحججت ثمانية وأربعين حجّة ، وهذه زوجتي وراء الستر تسمع كلامي ، وهذا ابني وهذه داري وهذا خادمي.
وحجّ بعد هذا الكلام حجتين ثم خرج بعد الخمسين فزامل أبا العباس النوفلي فعرفنا انّه لما صار في موضع الاحرام دخل يغتسل فجاء مد الوادي فحمله فغرق ودفن بالسيالة.
وأقام موسى بالمدينة باقي أيام المهدي ، وتوفي المهدي سنة تسع وستين ومائة في إحدى وعشرين سنة من إمامة أبي الحسن عليه السّلام وبويع لابنه موسى ولقّب بالهادي فأقام سنة وشهرين ومات في سنة سبعين ومائة في اثنين وعشرين سنة من إمامة أبي الحسن عليه السّلام.
وبويع لهارون الرشيد في شهر ربيع الأول في تلك السنة فوجّه في حمل أبي الحسن عليه السّلام فلما وافاه الرسل دعا أبا الحسن الرضا عليه السّلام وهو أكبر ولده فأوصى إليه بحضرة جماعة من خواصّه وأمره بما احتاج إليه ، ونحله كنيته وتكنى بأبي إبراهيم ودفع الى أم أحمد كتبا وقال لها سرّا : من أتاك فطلب منك ما دفعته إليك وأعطاك صفته فادفعيه إليه. ودفع إليها رقعة مختومة وأمرهما بأن تسلّمها مع ما قبلها الى أبي الحسن الرضا عليه السّلام اذا طلبها وأمر أبا الحسن عليه السّلام أن يبيت في كلّ ليلة في دهليز داره أو على بابه