فقلت في نفسي : ان صح قوله فهي دلالة ؛ وكانت ابنتي دفعت إليّ حبرة وقالت : ابتع لي بثمنها شيئا من الفيروزج والشبه من خراسان ، فأنسيتها.
فقلت لغلامي : هات هذا السفط الذي ذكره.
فاخرجه إليّ وفتحه فوجدت الحبرة في عرض ثياب فيه فدفعتها إليه وقلت : لا آخذ لها ثمنا.
فعاد إليّ فقال : تهدي ما ليس لك؟ هذه دفعتها إليك ابنتك فلانة وسألتك بيعها وان تبتاع لها بثمنها فيروزجا وشبها ، فاشتر لها بهذا ما سألت.
ووجّه مع الغلام الثمن الذي يساوي الحبرة بخراسان. فعجبت مما ورد عليّ وقلت : والله لأكتبن له مسائل أنا شاكّ فيها ثم لأمتحنه في مسائل سئل أبوه عنها ، فأثبتّ تلك المسائل في درج وغدوت الى بابه والمسائل في كمي ، ومعي صديق لي مخالف لا يعلم شرح هذا الأمر.
فلما وافيت بابه رأيت العرب والقواد والجند والموالي يدخلون إليه فجلست ناحية وقلت في نفسي : متى أصل أنا الى هذا فأنا مفكّر وقد طال قعودي وهممت بالانصراف إذ خرج خادم يتصفّح الوجوه ويقول : ابن بنت الياس الصيرفي!
فقلت : ها أنا ذا.
فأخرج من كمه درجا ويقول : هذا جواب مسائلك وتفسيرها.
ففتحته فاذا هو تفسير ما معي في كمي. فقلت : اشهد ان لا إله إلّا الله وأشهد الله ورسوله انّك حجّة الله ، واستغفر الله وأتوب إليه.
وقمت فقال لي رفيقي : الى أين تسرع؟
فقلت : قد قضيت حاجتي في هذا اليوم وأنا أعود للقائه بعد هذا.
وكان من أمر الفضل بن سهل (ذي الرئاستين) وتغيّر المأمون عليه حتى دسّ إليه من قتله في الحمام ما رواه الناس.
روي عن أبي الصلت الهروي عن محمد بن علي بن حمزة عن منصور بن بشير عن أخيه عبد الله بن بشير قال : قال لي المأمون يوما : أطل أظفارك ولا تقلّمها.