الزبير ، وآخرين يروونه عنه عن ابن عمر ، وآخرين عنه عن جابر ، ومن العلماء من يجعل مثل هذا علة في الحديث ، وليس كذلك ؛ لأنه يمكن أن يكون عن عطاء عنهم ، والواجب أن لا يدفع خبر نقله العدول إلا بحجة.
قال البزار : هذا الحديث قد روى عن عطاء ، واختلف على عطاء فيه ، ولا نعلم أحدا قال بأنه يزيد على مسجد المدينة مائة إلا ابن الزبير ، وقد تابع حبيبا المعلم الربيع بن صبيح ؛ فرواه عن عطاء عن ابن الزبير ، ورواه عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء عن ابن عمر ، ورواه ابن جريح عن عطاء بن أبي سلمة عن أبي هريرة أو عائشة ، ورواه ابن أبي ليلى عن عطاء عن أبي هريرة ، انتهى.
وقال الذهبي في مختصر سنن البيهقي : إسناده صالح ، ولم يخرجه أصحاب السنن.
قلت : هذا أمر آخر ، وهو أن الحديث المذكور لما اختلف لفظه على وجهين أحدهما ليس نصا في الدلالة كما قدمناه احتمل أن تكون الرواية في الواقع به ، ومن رواه بالوجه الآخر رواه بالمعنى بحسب فهمه ، إلا أن وروده من الطرق الأخرى بذلك اللفظ توهن هذا الاحتمال ، وعلى تقدير ثبوته فهو من ابن الزبير ، وهو أعرف بفهم مرويه ؛ لأن عبد الرزاق روى عن ابن جريج قال : أخبرني سليمان بن عتيق وعطاء عن ابن الزبير أنهما سمعاه يقول : «صلاة في المسجد الحرام خير من مائة صلاة فيه» ويشير إلى مسجد المدينة ، وقد قال ابن عبد البر : إن رجال إسناد حديث ابن عمر علماء أجلاء ، ورواه ابن وضاح عن ابن الزبير من كلام عمر بن الخطاب بنفسه ، قال ابن حزم : وسنده كالشمس في الصحة ، وروى ابن أبي خيثمة عن أبيه حدثنا مسلم عن الحجاج عن عطاء عن عبد الله بن الزبير قال : الصلاة في المسجد الحرام تفضل على مسجد النبي صلىاللهعليهوسلم بمائة ضعف ، قال : فنظرنا فإذا هي تفضل على سائر المساجد بمائة ألف صلاة ، قال ابن عبد البر وابن حزم : فهذان صحابيان جليلان يقولان بفضل المسجد الحرام على مسجد النبي صلىاللهعليهوسلم ، ولا مخالف لهما من الصحابة ؛ فصار كالإجماع منهم على ذلك.
وفي ابن ماجه من حديث جابر مرفوعا : «صلاة في مسجدي أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام ، وصلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة ألف صلاة فيما سواه» وفي بعض النسخ : «من مائة صلاة فيما سواه» فعلى الأول معناه فيما سواه إلا مسجد المدينة ، وعلى الثاني معناه من مائة صلاة في مسجد المدينة لما تقدم عن جابر.
قلت : وقد روى يحيى حديث الصحيحين المتقدم عن جبير بن مطعم بلفظ : «إن صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه من المساجد غير الكعبة» وفي رواية النسائي وغيره «إلا مسجد الكعبة» ولهذا ذهب بعضهم إلى أن المراد من المسجد الحرام