الكعبة ، وبه قال العمراني من أصحابنا وغيره ، وروى البزار عن عائشة حديث : «أنا خاتم الأنبياء ، ومسجدي خاتم مساجد الأنبياء ، أحق المساجد أن يزار وتشد إليه الرواحل المسجد الحرام ومسجدي ، وصلاة في مسجدي أفضل من ألف صلاة فيما سواه من المساجد إلا المسجد الحرام».
وروى ابن ماجه مرفوعا برجال ثقات إلا أبا الخطاب الدمشقي فهو مجهول : «صلاة الرجل في بيته بصلاة ، وصلاته في مسجد القبائل بخمس وعشرين صلاة ، وصلاته في المسجد الذي تجمع فيه بخمس مائة صلاة ، وصلاته في المسجد الأقصى بخمسين ألف صلاة ، وصلاة في مسجدي بخمسين ألف صلاة ، وصلاة في المسجد الحرام بمائة ألف صلاة» وهو يقتضي أن الصلاة بمسجد المدينة مساوية لمسجد بيت المقدس ، وأنهما معا على النصف من الصلاة بالمسجد الحرام ، وهو مخالف لما في الصحيح ، مع أن مفهوم العدد ليس بحجة ؛ فلا ينفي ما ثبت من الزيادة لمسجد المدينة على مسجد بيت المقدس سيما بالطريقة التي قدمناها.
وفي الطبراني ـ وهو حسن ، وفي بعض رجاله كلام ـ عن أبي الدرداء مرفوعا : «الصلاة في المسجد الحرام بمائة ألف صلاة ، والصلاة في مسجدي بألف صلاة ، والصلاة في بيت المقدس بخمسمائة صلاة» ورواه ابن خزيمة في صحيحه بنحوه ، والبزار وحسنه ، وقال المجد : أخرجه الترمذي وقال : حسن غريب ، قال : ولا نعلم حديثا يشتمل على فضيلة الصلاة بالمساجد الثلاثة خصوصا (١) سواه مما يصح عند الاعتبار معناه.
قلت : لم أره في الترمذي ، وقد ساقه ابن عبد البر محتجا به ، وهو غير مانع مما قدمناه من كون الصلاة بمسجد المدينة أفضل من ألف صلاة بمسجد بيت المقدس ؛ لأن العدد لا ينفي الزائد ، وكذا حديث الأوسط للطبراني برجال الصحيح عن أبي ذر : تذاكرنا ونحن عند رسول الله صلىاللهعليهوسلم أيما أفضل مسجد رسول الله صلىاللهعليهوسلم أو بيت المقدس؟ فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «صلاة في مسجدي هذا أفضل من أربع صلوات فيه ، ولنعم المصلى هو» وقد يقال في ذلك كما قيل في نظائره من احتمال أنه صلىاللهعليهوسلم أخبر أولا ببعض ذلك بحسب ما أوحى إليه ، ثم أعلم بالزيادة ، ويكون حديث الأقل قبل حديث الأكثر ، ثم تفضل الله بالأكثر شيئا بعد شيء ، ومحصله ما قررناه من الأخذ بالزائد ، ويحتمل أن ينزل تلك الأعداد على اختلاف الأحوال ؛ فالحسنة بعشر أمثالها إلى غير نهاية.
__________________
(١) المساجد الثلاثة : هي الأقصى ، ومسجد المدينة ، والمسجد الحرام.