المسجد ، قالوا : ما نبيعه بشيء ، قال : إذا أدخله في المسجد ، قالوا : أنت وذاك ، أنت وذاك ، فأما طريقنا فإنا لا نقطعها ، فهدم البيت وأعطاهم الطريق ووسعها لهم حتى انتهى بها إلى الأسطوان ، وكانت قبل ذلك ضيقة قدر ما يمر الرجل منحرفا.
قال عبد العزيز بن محمد : فكنت أسمع عبيد الله بن عمر يقول : لا أخرجني الله من الدنيا حتى أراها قد سدت ،
إن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : لا يلقى الصور الصور.
قلت : وسنورد بقية هذا الخبر.
وروى يحيى في قصة هذه الدار عن مالك بن أنس في جملة خبر أن الحجاج قال لعبيد الله ابن عبد الله بن عمر : بعني منزل حفصة ، قال : لا والله ما كنت لآخذ لبيت رسول الله صلىاللهعليهوسلم ثمنا أبدا ، قال : إذا والله أهدمه ، قال : والله لا تهدمه إلا على ظهري ، فأمر الحجاج صائحا صاح الناس بالعتل (١) والمساحي والفوس ، فقام عبد الله فدخل بيت حفصة ، وجاء الغوغاء بالعتل والفوس ، فأمرهم الحجاج بهدمه ، فصعدوا ليهدموه وعبيد الله فيه ، فجاءت بنو عدي إلى عبيد الله فقالوا له : ما أضعفك! هو يتأسف على قتل أبيك ويزع عن قتلك ، فأخرجوه ، فهدمه الحجاج ، وكتب إلى الوليد يعلمه ما صنع ، وامتناع عبيد الله من الثمن ، فكتب الوليد إلى عمر بن عبد العزيز يأمره يعرض على عبيد الله الثمن ، فإن أبى جعل له مكرمة بدله في المسجد ، فجعل له عمر الخوخة التي في قبلة المسجد التي إلى دار حفصة اليوم ، وهو يقتضي أن الذي هدم دار حفصة هو الحجاج.
وعن جعفر بن وردان عن أبيه قال : لما استعمل الوليد عمر بن عبد العزيز على المدينة أمره بالزيادة في المسجد وبنيانه واشتراء ما حوله من المشرق والمغرب والشام ، فلما خلص إلى القبلة قال له عبيد الله بن عبد الله بن عمر : لست أبيع هذا ، هو من حق حفصة ، وقد كان النبي صلىاللهعليهوسلم يسكنها ، فقال له عمر : ما أنا بتارككم أو أدخلها المسجد ، فلما كثر الكلام بينهما قال له عمر : أجعل لكم في المسجد بابا تدخلون منه ، وأعطيكم دار الدقيق مكان هذا الطريق ، وما بقي من الدار فهو لكم ، ففعلوا ، وأخرج بابهم في المسجد وهو الخوخة التي في المسجد تخرج في دار حفصة بنت عمر ، وأعطاهم دار الدقيق ، وقدّم الجدار في موضعه اليوم ، وزاد في المشرق ما بين الأسطوان المربعة إلى جدار المسجد اليوم ، ومعه عشرة أساطين من مربعة القبر إلى الرحبة إلى الشام ، ومده في المغرب أسطوانين ، وأدخل فيه حجرات أزواج النبي صلىاللهعليهوسلم ، وأدخل فيه دور عبد الرحمن بن عوف الثلاث التي كان يقال لها القرائن اللاتي يقول فيهن أبو قطيفة بن الوليد بن عقبة بن أبي معيط :
__________________
(١) العتلة : عمود قصير من الحديد له رأس عريض يهدم به الحائط. ويقلع به الشجر والحجر. (ج) عتل.