ألا ليت شعري هل تغير بعدنا |
|
بقيع المصلّى أو كعهدي القرائن |
وقد سمعنا من يقول : القرائن كانت جنابذ ثلاثا لعبد الرحمن بن عوف ، انتهى.
قلت : وأخبار المؤرخين متطابقة على أن حجر أزواج النبي صلىاللهعليهوسلم أدخلت في المسجد بأمر الوليد ، وقد قدمنا في الفصل التاسع قول عطاء الخراساني : أدركت حجرات أزواج النبي صلىاللهعليهوسلم من جريد على أبوابها المسوح من شعر أسود ، فحضرت كتاب الوليد بن عبد الملك يقرأ يأمر بإدخال حجر أزواج النبي صلىاللهعليهوسلم ، فما رأيت يوما كان أكثر باكيا من ذلك اليوم ، قال عطاء : فسمعت سعيد بن المسيب يقول : والله لوددت أنهم تركوها على حالها ، لكن نقل الزين المراغي عن السهيلي أنه نقل أن الحجر والبيوت خلطت بالمسجد في زمن عبد الملك بن مروان ، قال : ويرده تصريح رزين وغيره بضد ذلك.
قلت : ولعل مراد من نسب ذلك إلى عبد الملك أنه جعلها للمسلمين يصلون فيها لضيق المسجد من غير هدم لها ، وقد كان الناس يصلون فيها قبل إدخالها في المسجد في يوم الجمعة ، فقد نقل مالك رحمهالله عن الثقة عنده أن الناس كانوا يدخلون حجر أزواج النبي صلىاللهعليهوسلم يصلون فيها يوم الجمعة بعد وفاة النبي صلىاللهعليهوسلم ، وكان المسجد يضيق عن أهله ، قال : وحجر أزواج النبي صلىاللهعليهوسلم ليست من المسجد ، ولكن أبوابها شارعة في المسجد ، انتهى.
وأما بقية خبر ابن زبالة المتقدم فقد قال عقب ذلك : ثم سام (١) عمر بن عبد العزيز بني عبد الرحمن بن عوف بدارهم ، فأبوا ، فهدمها عليهم وأدخلها في المسجد ، قال عبد الرحمن بن حميد : فذهب لنا متاع في هدمهم ، وأدخل حجرات أزواج النبي صلىاللهعليهوسلم مما يلى المشرق ومن الشام ، وأخل القرائن دور عبد الرحمن بن عوف وأدخل دار عبد الله بن مسعود التي يقال لها دار القراء ، وأبيات هاشم بن عتبة بن أبي وقاص ، وأدخل فيه من المغرب دارا كانت لطلحة بن عبيد الله ، ودارا كانت لأبي سبرة بن أبي رهم كانت في موضع المربعة التي في غربي المسجد ، ودارا لعمار بن ياسر كانت إلى جنب دار أبي سبرة ، وبعض دار العباس بن عبد المطلب ، فأعلم ما دخل منها في المسجد ، فجعل منابر سواريها التي تلي السقف أعظم من غيرها من سواري المسجد ، وأدخل دارا كانت لمخارق مولى العباس بن عبد المطلب.
قلت : قوله «وأدخل إلى آخره» وإن كان مبنيا لما لم يسم فاعله ، لكن إيراده هنا يقتضي أن ذلك كله في زيادة الوليد المذكورة ، وفيه نظر ؛ لما تقدم من أن عثمان رضياللهعنه زاد
__________________
(١) سام : ساوم ، مساومة وسواما : فاوضه في البيع والابتياع. و ـ البائع بالسلعة : غالى بها.