في المسجد أسطوانا بعد المربعة ، فيكون زيادة الوليد بعد ذلك في جهة المغرب ، فلا يصح إدخاله لدار أبي سبرة ؛ لقوله إنها كانت في موضع المربعة ، إلا أن يريد بالمربعة هنا الأسطوانة التي عن يمينك إذا دخلت من الباب الذي يلي دار مروان ، وهو باب السلام ، وهي الثانية من الباب المذكور ، فإنها أول زيادة الوليد ؛ لقوله في رواية يحيى المتقدمة «ومده في المغرب أسطوانين» لكن قال ابن شبة نقلا عن ابن أبي يحيى : إنه كانت لأبي سبرة بن أبي رهم دار موضعها عند الأسطوان المربعة التي في المسجد اليمانية الغربية ، وكانت جديدة ، وكانت هناك دار لعمار بن ياسر ، فأدخلتا في المسجد ، انتهى. وهو ظاهر في أن المراد بالمربعة الأسطوان المثمنة اليوم التي قدمنا وصفها في زيادة عثمان رضياللهعنه ، وقوله «وبعض دار العباس بن عبد المطلب» ظاهر أيضا في أن الوليد أدخل من دار العباس شيئا ، ولعله مما كان بقي منها وأدخله مروان في داره ، فيستفاد منه أن الوليد أدخل بعض دار مروان وهو ظاهر ؛ لما قدمناه من أن دار مروان كانت ملاصقة للمسجد في جهة المغرب ولها خوخة فيه ، ولا شك أنه اتخذها قبل زيادة الوليد ، فإن وفاة مروان كانت في سنة خمس وستين بعد أن أقام في الخلافة عشرة أشهر.
ولنرجع إلى تكميل خبر ابن زبالة المتقدم ، قال : قالوا : وكتب الوليد بن عبد الملك إلى ملك الروم «إنا نريد أن نعمر مسجد نبينا الأعظم ، فأعنّا فيه بعمال وفسيفساء» ، قالوا : فبعث إليه بأحمال من فسيفساء وبضعة وعشرين عاملا ، وقال بعضهم : بعشرة عمال ، وقال : قد بعثت إليك بعشرة يعدلون مائة ، وبثمانين ألف دينار عونا له.
قلت : روى ذلك يحيى أيضا ، وذكر في رواية أخرى عن قدامة بن موسى أن ملك الروم ، بعث إليه بأربعين. يعني عاملا سمن الروم ، وبأربعين من القبط ، وبأربعين ألف مثقال ذهب. وفي رواية لرزين : فبعث إليه ثلاثين عاملا ، وأربعين من الروم ، ومثلهم من القبط ، وبثمانين ألف مثقال ، وبأحمال من الفسيفساء ، وبأحمال من سلاسل القناديل ، انتهى.
ولنرجع إلى تكميل خبر ابن زبالة له أيضا ، قال عقب ما تقدم : وبعث بهذه السلاسل التي فيها القناديل ، قالوا : وهدمه عمر بن عبد العزيز سنة إحدى وتسعين ـ أي بتقديم التاء الفوقية على السين ـ وبناه بالحجارة المنقوشة المطابقة وقصّة بطن نخل ، وعمله بالفسيفساء والمرمر ، وعمل سقفه بالساج وماء الذهب ، وهدم حجر أزواج النبي صلىاللهعليهوسلم فأدخلها في المسجد ، ونقل لبن المسجد ولبن الحجرات فبنى به داره التي بالحرة فهو فيها اليوم له بياض على اللبن ، قال : فبينما أولئك العمال يعملون في المسجد إذ خلا لهم المسجد فقال بعض أولئك العمال من الروم : ألا أبول على قبر نبيهم ، فتهيأ لذلك فنهاه أصحابه ، فلما همّ أن