يفعل اقتلع فألقى على رأسه ، فانتثر دماغه ، فأسلم بعض أولئك النصارى ، وعمل أحد أولئك الروم على رأس خمس طاقات في جدار القبلة في صحن المسجد صورة خنزير ، فظهر عليه عمر بن عبد العزيز فامر به فضربت عنقه ، وقال بعض أولئك العمال الذين عملوا الفسيفساء : إنا عملناه على ما وجدنا من صور شجر الجنة وقصورها ، انتهى خبر ابن زبالة.
وفي خبر يحيى المتقدم عن قدامة بن موسى أن عمر بن عبد العزيز أخمر النورة التي تعمل بها الفسيفساء سنة ، وحملوا القصة من بطن نخل منخولة ، وعمل الأساس بالحجارة والجدار بالحجارة المطابقة والقصة ، وجعل عمد المسجد من حجارة حشوها عمد الحديد والرصاص ، وكان طوله مائتي ذراع وعرضه في مقدمته مائتين وفي مؤخره ثمانين ومائة ، وهو من قبل كان مقدمه أعرض ، انتهى.
وما ذكره في ذرع عرض المسجد غير صحيح ؛ لما سيأتي عن ابن زبالة في الفصل الحادي والثلاثين أنه ذكر في موضع آخر أن عرض المسجد من مقدمه في زمنه مائة وخمسة وستون ذراعا ، وعرضه من مؤخره مائة وثلاثون ذراعا ، وسيأتي أيضا أن الذي حررناه أن عرضه اليوم من مقدمه في جهة القبلة مائة ذراع وسبعة وستون ذراعا ونصف ، وأن عرضه من مؤخره في جهة الشام مائة وخمسة وثلاثون ذراعا ، ولا شك أن المسجد لم ينقص من عرضه شيء ، فهذا الذرع المذكور في هذه الرواية غير صحيح ، وقد نقله ابن النجار عن أهل السير ، وتعقبه المطري بنحو ما ذكرناه.
وروى ابن زبالة عن محمد بن عمار عن جده قال : لما صار عمر بن عبد العزيز إلى جدار القبلة دعا مشيخة من أهل المدينة من قريش والأنصار والعرب والموالي فقال لهم : تعالوا أحضروا بنيان قبلتكم ، لا تقولوا غير عمر قبلتنا ، فجعل لا ينزع حجرا إلا وضع مكانه حجرا ، فكانت زيادة الوليد بن عبد الملك من المشرق إلى المغرب ستة أساطين ، وزاد إلى الشام من الأسطوان المربعة التي في القبر أربع عشر أسطوانا منها عشر في الرحبة وأربع في السقائف الأولى التي كانت قبل ، وزاد من الأسطوان التي دون المربعة إلى المشرق أربع أساطين في السقائف ، فدخل بيت النبي صلىاللهعليهوسلم في المسجد ، وبقي ثلاث أساطين في السقائف.
قلت : فاستفدنا من ذلك أن الستة أساطين التي زادها في المشرق والمغرب ليس منها في جهة المغرب سوى اثنتين ، وأن أربعة منها في جهة المشرق ؛ فيكون ابتداء زيادته في