أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر ، أنا أبو بكر البيهقي ، أنا أبو عبد الله الحافظ ، أنا الحسن بن أحمد بن إسحاق ، نا أبو عثمان الخيّاط ، نا أحمد بن أبي الحواري قال : سمعت أبا سليمان يقول : قال يحيى لعيسى : أوصني يا بن خالة ، قال : لا تشاح في ميراث ، ولا تأس على ما فاتك ، فقال : أنا لا أفرح بما جاءني منها (١) فكيف آسي على ما فاتني ، فقال : لا تغضب ، قال : فكيف لي بأن لا أغضب.
وقد روي هذا عن أبي هريرة (٢).
أخبرناه أبو محمّد بن حمزة ، نا أبو بكر الخطيب ، أنا ابن رزقويه ، أنا الحسن بن علي ، نا إسماعيل بن عيسى ، أنا إسحاق بن بشر ، أنا أبو محمّد الشافعي (٣) ، عن مكحول ، عن أبي هريرة قال :
التقى ابنا الخالة ـ يعني : يحيى وعيسى ـ فقال له يحيى : يا روح الله وكلمته ، ما أشد ما خلق الله ، قال : غضب الله أشد ، قال : يا روح الله وكلمته دلّني على عمل يباعد من عذاب الله ، قال : يباعدك من غضب الله أن لا تغضب فيغضب الله عليك ، قال : فما الذي يبدى الغضب؟ قال : التعزّز ، والفخر ، والحمية ، قال : يا روح الله دلّني على عمل يباعدني من النار ، قال : لا تزن (٤) ، قال : كيف بدو الزنا؟ قال : النظرة ، ثم يردفها التمني والشهوة.
أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر ، أنا أبو بكر البيهقي ، أنا أبو عبد الله الحافظ ، أنا بكر بن محمّد الصيرفي ـ بمرو ـ نا محمّد بن يوسف ، نا عبد الله بن سنان الهروي ، نا عبد الله بن المبارك (٥) ، عن وهيب بن الورد ، قال : فقد زكريا ابنه يحيى ثلاثة أيام ، فخرج يلتمسه في البرية فإذا هو قد احتفر قبرا وأقام فيه يبكي على نفسه ، فقال : يا بني أنا أطلبك منذ ثلاثة أيام وأنت في قبر قد احتفرته قائم تبكي فيه ، يا أبة ألست أنت أخبرتني إن بين الجنّة والنار مفازة (٦) لا تقطع إلّا بدموع البكّائين؟ فقال له : ابك يا بني ، فبكيا جميعا.
__________________
(١) سقطت من «ز».
(٢) كذا بالأصل : «عن أبي هريرة» وفي «ز» : «عن غيره» وفي م : «عن أبي».
(٣) كذا بالأصل ، وفي م و «ز» : الشامي.
(٤) بالأصل وم : «تزني» خطأ ، والتصويب عن «ز».
(٥) من طريقه رواه ابن كثير في البداية والنهاية ٢ / ٦٣.
(٦) في الكامل لابن الأثير ١ / ١٩٨ عقبة.