أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم ، أنا رشأ بن نظيف ، أنا الحسن بن إسماعيل ، أنا أحمد بن مروان ، نا محمّد بن أحمد البغدادي ، نا عبد المنعم ، عن أبيه ، عن وهب قال : كان يحيى بن زكريا فقده أبوه ثلاثة أيام ، فوجده في قبر مضطجع [يبكي](١) ، فقال له : يا بني ما هذا البكاء كله؟ فقال له : يا أبة ، أنت أنت حدثتني عن جبريل صلىاللهعليهوسلم أنه أخبرك أن بين الجنّة والنار مفازة لا يطفئ حرّها إلّا الدموع ، فقال له : فابك (٢) يا بني.
قال : ونا أحمد ، نا محمّد بن عبد العزيز ، نا أحمد بن أبي الحواري ، نا علي بن أبي الحسن ، قال : شبع يحيى بن زكريا ليلة شبعة من خبز الشعير ، فنام عن جزئه (٣) حتى أصبح فأوحى الله إليه : يا يحيى ، هل وجدت دارا خيرك لك من داري ، وجوارا خير لك من جواري ، وعزتي يا يحيى لو اطّلعت إلى الفردوس اطّلاعة لذاب جسمك ، وزهقت نفسك اشتياقا ، ولو اطّلعت إلى جهنم اطّلاعة لبكيت الصديد بعد الدموع ، وللبست الحديد بعد المسوح.
أخبرنا (٤) أبو محمّد الداراني ، أنا نصر بن أحمد المؤدّب ، أنا خليل بن هبة الله ، أنا الحسن بن محمّد بن درستويه ، نا أحمد بن محمّد بن إسماعيل ، نا إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني ، حدّثني صاحب لي ، نا أحمد بن بشير ، نا محمّد بن صبيح بن السمّاك ، عن عبيد المكتب ، عن مجاهد أن يحيى بن زكريا بكا حتى قرّحت (٥) دموعه وجنتيه ، فقال له زكريا (٦) : يا بني ، ما يبكيك وقد سألت الله أن يهبك لي؟ فقال : إن جبريل أخبرني أن بين الجنّة والنار مفاوز لا يقطعها إلّا كل بكّاء.
قال : ونا نعيم ، نا عبد الله ، أنا مالك بن أنس ، عن حميد الأعرج ، عن مجاهد قال : كان طعام يحيى بن زكريا العشب ، وإن كان ليبكي من خشية الله حتى لو كان القار على عينيه لحرقه ، ولقد كانت الدموع اتخذت في وجهه مجرى (٧).
__________________
(١) سقطت من الأصل ، واستدركت للإيضاح عن م و «ز».
(٢) الأصل وم : «فابكي» خطأ ، والمثبت عن «ز».
(٣) الأصل وم : «جزوه» وفي «ز» : حزوه ، وفوقها ضبة.
(٤) كتب فوقها «س» بحرف صغير.
(٥) كذا بالأصل وم ، وفي «ز» : جرحت.
(٦) سقطت اللفظة من «ز».
(٧) رواه ابن كثير في البداية والنهاية ٢ / ٦٣.