كذبت ، أنت لا تنصحني ، ولكن أخبرني عن بني آدم ، قال : هم عندنا على ثلاثة أصناف : أما صنف منهم فهم أشدّ الأصناف علينا ، نقبل عليه حتى نفتنه ونستمكن منه ، ثم يفزع إلى الاستغفار والتوبة ، فيفسد علينا كل شيء أدركنا منه ، ثم نعود له ـ وقال ابن طاوس : إليه ـ فيعود ، فلا نحن نيأس منه ولا نحن ندرك منه حاجتنا ، فنحن من ذلك في عناء ، وأما الصنف الآخر فهم في أيدينا بمنزلة الكرة في أيدي صبيانكم نتلقفهم حيث ـ وقال ابن طاوس : كيف ـ شئنا ، قد كفونا أنفسهم ، وأما الصنف الآخر فهم مثلك معصومون لا نقدر معهم على شيء ، قال يحيى : هل قدرت مني على شيء ـ زاد عبد الكريم : أبدا ـ وقالا : قال : لا ، إلّا مرة واحدة ، فإنك قدمت طعاما تأكله ، فلم أزل أشهّيه إليك حتى أكلت منه أكثر مما تريد فنمت تلك الليلة ، فلم تقم إلى الصلاة كما كنت تقوم إليها ، فقال له يحيى : لا جرم ، لا شبعت من طعام أبدا ، قال له الخبيث : لا جرم ، لا نصحت آدميا بعدك ـ زاد عبد الكريم : أبدا ـ.
أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر ، أنا أبو بكر البيهقي ، أنا أبو عبد الله الحافظ ، نا أبو العباس بن يعقوب ، نا الحسن بن قتيبة ، نا أبو بكر الهذلي ، عن (١) الحسن ، عن أبيّ بن كعب قال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقول : «إن من هوان الدنيا على الله أن يحيى بن زكريا قتلته امرأة» [١٣١٢٠].
أنبأنا أبو القاسم علي بن إبراهيم ، أنا رشأ بن نظيف ـ قراءة ـ أنا عبد الرّحمن بن عمر بن محمّد ، أنا أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد بن علي بن فراس ، نا علي بن عبد العزيز البغوي ، نا أبو عبيد القاسم بن سلام ، نا أبو النّضر عن سليمان بن المغيرة ، عن علي بن زيد بن جدعان ، نا علي بن الحسين قال :
أقبلنا مع الحسين بن علي فكان قلّما نزلنا منزلا إلّا حدّثنا حديث يحيى بن زكريا حيث قتل ، قال : كان ملك من هذه الملوك مات ، وترك امرأته وابنته ، فورث ملكه أخوه ، فأراد أن يتزوج امرأة أخيه ، فاستشار يحيى بن زكريا في ذلك ، وكانت الملوك في ذلك الزمان يعملون بأمر الأنبياء ، فقال له : لا تزوجها فإنها بغيّ ، فعرفت المرأة أنه قد ذكرها وصرفه عنها فقالت : من أين هذا حتى بلغها أنه من قبل يحيى ، فقالت : ليقتلن يحيى أو ليخرجنّ من ملكه ، فعمدت إلى بنتها فصنعتها ثم قالت : اذهبي إلى عمّك عند الملأ ، فإنه إذا رآك سيدعوك
__________________
(١) من قوله : زاهر ... إلى هنا مكانه بياض في «ز» ، وكتب على هامشها : مقصوص بالأصل.