ويجلسك في حجره ، ويقول : سليني ما شئت ، فإنك لن تسأليني شيئا إلّا أعطيتك ، فإذا قال لك ، قولي : لا أسأل شيئا إلّا رأس يحيى ، قال : وكانت الملوك إذا تكلم أحدهم بشيء على رءوس الملأ ثم لم يمض له نزع من ملكه ، ففعلت ذلك ، قال : فجعل يأتيه الموت من قتله يحيى ، وجعل يأتيه الموت من خروجه من ملكه ، فاختار ملكه ، فقتله ، قال : فساخت بأمها الأرض.
قال ابن جدعان فحدّثت بهذا الحديث ابن المسيّب قال : أفما أخبرك كيف كان قتل زكريا؟ قلت : لا ، قال : إن زكريا حيث قتل ابنه انطلق هاربا منهم ، واتبعوه حتى أتى على شجرة ذات ساق ، فدعته إليها وانطوت عليه ، وبقيت من ثوبه هدبة تكفيها الريح ، فانطلقوا إلى الشجرة ، فلم يجدوا أثره بعدها ، ونظروا بتلك الهدبة ، فدعوا بالمنشار فقطعوا الشجرة ، فقطعوه فيها.
أخبرنا أبو محمّد بن حمزة ، نا أبو بكر الخطيب ، أنا أبو الحسين بن بشران ، أنا أبو علي بن صفوان ، نا أبو بكر بن أبي الدنيا ، نا إسحاق بن إسماعيل ، نا أبو معاوية ، عن الأعمش ـ أظنه عن المنهال بن عمرو ـ عن سعيد بن جبير عن ابن عبّاس قال (١) :
بعث عيسى بن مريم يحيى بن زكريا في اثني عشر من الحواريين يعلّمون الناس ، فكانوا في ما يعلمونهم ينهوهم عن نكاح بنت الأخت ، وكان لملكهم ابنة أخت تعجبه ، وكان [يريد](٢) أن يتزوجها ، وكان لها كلّ يوم حاجة يقضيها ، فلمّا بلغ ذلك أمّها أنهم نهوا عن نكاح بنت الأخت قالت لها : إذا دخلت على الملك فقال : ألك حاجة؟ فقولي له : حاجتي أن تذبح يحيى بن زكريا ، فلما دخلت عليه فسألها حاجتها قالت : حاجتي أن تذبح يحيى بن زكريا ، فقال : سليني سوى هذا ، قالت : ما أسألك إلّا هذا ، فلمّا أبت عليه دعا بطست ودعا به فذبحه ، فندرت قطرة من دمه على الأرض ، فلم تزل تغلي حتى بعث الله بخت نصر عليهم ، فألقي في نفسه أن يقتل على ذلك الدم منهم حتى يسكن ، فقتل عليه منهم سبعين ألفا.
قال : ونا أبو بكر ، حدّثني محمّد بن نصر بن الوليد ، عن أبي سعيد الشعري ، عن أبي بكر الهذلي ، عن شهر بن حوشب قال (٣) :
__________________
(١) انظر تاريخ الطبري ١ / ٥٨٦.
(٢) سقطت من الأصل ، واستدركت للإيضاح عن «ز» ، وم ، والطبري.
(٣) راجع الكامل لابن الأثير ١ / ١٩٩.