لما قتله دفع إليها رأسه ، فجعلته في طست من ذهب ، فأهدته إلى أمّها ، فجعل الرأس يتكلم في الطست : إنها لا تحلّ له ، ولا يحلّ لها ثلاث مرات ، فلمّا رأت الرأس قالت : اليوم قرّت عيني وأمّنت على ملكي ، فلبست درعا من حرير ، وخمارا من حرير ، وملحفة من حرير ، ثم صعدت قصرا لها وكانت لها كلاب تضريها (١) بلحوم الناس ، فجعلت تمشي على قصرها فبعث الله عليها عاصفا من الريح فلفتها (٢) في ثيابها فألقتها إلى كلابها ، فجعلن (٣) ينهشنها وهي تنظر ، وكان آخر ما أكلن منها عينيها (٤).
قرأت على أبي القاسم إسماعيل بن أحمد بن عمر ، عن محمّد بن أحمد بن محمّد ، أنا الحسن بن محمّد بن أحمد بن محمّد بن جميع ، أنا أبو يعلى عبد الله بن محمّد بن حمزة بن أبي كريمة ، أخبرني محمّد بن الحسين بن الهيثم ، نا سهل بن علي البابسيري ، نا أبي ، نا علي بن عاصم ، عن سليمان التيمي عن أسلم العجلي عن أبي مراية عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال :
التي قتلت يحيى بن زكريا امرأة ورثت الملك عن آبائها ، فأتيت برأس يحيى في شيء ، فوضع بين يديها وهي على سريرها ، فجعلت ترفل (٥) وجهه بقضيب في يديها فقيل للأرض خذيها [فأخذتها](٦) ، وسريرها فذهب بها (٧) ، قال عبد الله : في التوراة مقتلة الأنبياء ، قتلت في يوم ستين نبيا ، هي في النار على منبر من نار ، تصرخ ، يسمع صراخها أقصى أهل النار.
قرأت بخط علي بن الخضر السلمي ، ثم أخبرنا خالي أبو المعالي محمّد بن يحيى القاضي ، أنا علي بن طاهر النحوي ، عن علي بن الخضر ، أنا عبد الوهّاب بن جعفر ، حدّثني أبو هاشم ، أنا أبو عبد الرّحمن محمّد بن العبّاس بن الدرفس الغسّاني أن عباس بن صبيح (٨) حدّثهم ، نا مروان ، نا سعيد بن عبد العزيز ، عن قسيم مولى معاوية ، قال :
__________________
(١) الأصل وم : تضربها ، والتصويب عن «ز» ، وضري به : لهج ، وكلب ضار بالصيد (القاموس).
(٢) في المختصر : يلقيها.
(٣) بالأصل : «فجعل» وسقطت اللفظة من «ز» ، وم.
(٤) زيد بعدها في الكامل لابن الأثير : لتعتبر.
(٥) ترفل ، رفل : خطر بيده.
(٦) سقطت من الأصل واستدركت للإيضاح عن «ز» ، وم.
(٧) قوله : «فذهب بها» ليس في «ز».
(٨) تقرأ في الأصل : صالح ، وفي م : «صح» والمثبت عن «ز».